في ظل التوترات المتصاعدة في الشمال السوري، تتواصل الانتهاكات التي تطال المدنيين، حيث كشفت مصادر قضائية عن حملة اعتقالات واسعة النطاق تستهدف الشبان في مناطق سيطرة مليشيا قسد. هذه الاعتقالات، التي تتم تحت ذرائع تتعلق بالولاء للدولة السورية، تثير قلقاً متزايداً حول مصير المعتقلين وتكشف عن ممارسات قمعية تزيد من معاناة الأهالي.
وكشفت مصادر قضائية تعمل في مناطق سيطرة مليشيا قسد عن استمرار عمليات الاعتقال التي تستهدف عشرات الشبان على خلفية تهم تتعلق بإظهار الولاء للدولة السورية.
ووفقاً للمصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لدواعٍ أمنية، فإن الاعتقالات تطال كل من يُضبط وهو يحمل العلم السوري الرسمي، أو صوراً للرئيس السوري، أو يقوم بكتابة عبارات على الجدران تُعتبر مناهضة لمليشيا قسد وسلطتها في المنطقة.
وأوضحت المصادر أن التهمة الرسمية التي توجهها أجهزة مليشيا قسد القضائية للمعتقلين هي “التنسيق والدعم مع حكومة دمشق”، وهي تهمة قد تفضي إلى أحكام بالسجن تتراوح مدتها بين عام وثلاثة أعوام. وتأتي هذه الممارسات في سياق حالة من التوتر المستمر بين “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا والحكومة المركزية في دمشق، حيث يعتبر كل طرف الآخر سلطة غير شرعية.
في ظل هذه الظروف، يواجه أهالي المعتقلين مصاعب جمّة في متابعة قضايا أبنائهم. وأفادت المصادر بأن العديد من العائلات تضطر لتوكيل محامين، إلا أن بعضهم يستغلون يأس الأهالي ويفرضون مبالغ مالية باهظة تصل أحياناً إلى عشرة آلاف دولار أمريكي، مقابل التوكل في القضية والسعي للإفراج عن الموقوفين، دون وجود أي ضمانات حقيقية أو مسار قانوني واضح يمكن الركون إليه.
ونقلت المصادر عن الأهالي وصفهم لأوضاع أبنائهم داخل سجون مليشيا قسد ب”المأساوية”. وفي شهادات تعكس مدى القلق والمعاناة، قارن بعضهم ظروف الاعتقال الحالية بما هو أسوأ من السجون سيئة الصيت التابعة للحكومة السورية كسجن صيدنايا، وذلك في إشارة إلى قسوة المعاملة والظروف الإنسانية الصعبة داخل أماكن الاحتجاز.
أمام هذا الواقع، وجه ذوو المعتقلين نداءات عاجلة إلى الحكومة السورية والمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية، للتدخل الفوري والضغط على مليشيا قسد من أجل إطلاق سراح أبنائهم.
إن استمرار مليشيا قسد في هذه الممارسات القمعية يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة. لذا، فإن دعوات الأهالي للتدخل الدولي والمحلي لإطلاق سراح أبنائهم يجب أن تلقى آذاناً صاغية، لضمان حقوق الإنسان ووقف هذه الانتهاكات التي تتنافى مع كافة الأعراف والقوانين الدولية.