الولايات المتحدة الأمريكية ومراقبة المساعدات الإنسانية التي يسرقها الأسد

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

خطوات قليلة تفصل الولايات المتحدة الأميركية، على إقرار قانون بشأن الزلزال الذي ضرب سوريا مطلع شهر شباط، بهدف دعم الاستجابة الإنسانية في المناطق المتضررة، وزيادة الرقابة على المساعدات الإنسانية المتّجهة إلى سوريا، لمنع استغلالها من قبل النظام ، الذي يحاول الالتفاف على العقوبات الأميركية.

فالعقوبات الأميركية لا تعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية كما يحاول النظام السوري وحلفاؤه أن يروج. خاصة وأن الأمم المتحدة وكذلك العديد من الدول حول العالم، تقدم المساعدات منذ سنوات إلى سوريا وحتى إلى مناطق سيطرة قوات النظام ، دون أية عوائق تُذكر وفي ظل سريان العقوبات وقانون “قيصر”.

لكن النظام عمد مؤخرا إلى خلط الأوراق، لفتح المجال أمام الدول الراغبة في تخطي الرفض الأميركي بإعادة علاقاتها مع دمشق، وتقديم الدعم ربما مباشرة إلى النظام السوري من البوابة الإنسانية، لذلك كان لا بدّ من مشروع قرار، يلجم هذه المساعي، فما تأثير المشروع الأميركي على محاولات الالتفاف على العقوبات، وما هي الأدوات الأميركية اللازمة لتفعيل هذه القرارات وإلزام الدول بها.

مشروع القرار الأميركي حظي الإثنين بموافقة “مجلس النواب” الأميركي، ونصّ على تقديم التعازي لعائلات الضحايا والمفقودين، والثناء على جهود القائمين على الاستجابة الطارئة، كما حثّ المجتمع الدولي على تقديم الاستجابة للكوارث في تركيا وسوريا، وبشكل خاص الدفاع المدني السوري، كما أكد القرار أن النظام أعاق وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، واستخدمت كارثة الزلزال “بشكل مخجل” للدعوة إلى رفع العقوبات الأميركية، رغم أن الادعاءات المتعلقة بعرقلة العقوبات لوصول المساعدات عبارة عن أكاذيب، بحسب ما جاء في نص القرار.

لكن المشروع يحتاج إلى تصويت مجلس الشيوخ الأميركي ” الكونغرس” كي يصبح نافذا، بالتالي تفعيل الأدوات الأميركية لوقف كل محاولات الالتفاف على العقوبات، وزيادة الرقابة على المساعدات بما يضمن وصولها إلى مستحقيها، والوقوف بوجه المساعي الرامية إلى إعادة العلاقات مع النظام بحجة تقديم المساعدات للمتضررين من كارثة الزلزال.

ربما تعليق العقوبات الأميركية لمدة ستة أشهر، أوحت للنظام أنه يمكن استغلال هذه الفترة للالتفاف على العقوبات وقانون “قيصر”، إلا أن المشروع الجديد أدان الجهود التي بذلها النظام لاستغلال الكارثة، والتهرب من الضغط والمساءلة الدولية، كما تدعو الإدارة الأميركية إلى استخدام جميع الأدوات المتاحة بما فيها “مجلس الأمن” لفتح كافة الممرات لوصول المساعدات، وزيادة آلية الرقابة لضمان عدم تحويل المساعدات الإنسانية التي تمولها الولايات المتحدة الأميركية لصالح الحكومة في دمشق.

فمشروع القرار الجديد في حال إقراره بشكل نهائي، سيمنع جميع محاولات الالتفاف على العقوبات، كما سيوقف جميع محاولات إعادة تعويم دمشق على المستوى الإقليمي، وستصبح الدول المخالفة تحت عقوبات قانون “قيصر”، فالولايات المتحدة الأميركية تمتلك العديد من الأدوات اللازمة لتنفيذ ما جاء في القرار

القانون الأميركي الجديد، يواجه كذلك محاولات التطبيع مع النظام  من خلال البوابة الإنسانية عبر استغلال كارثة الزلزال، وقد أكد المشرّع الجمهوري في “مجلس النواب” الأميركي جو ويلسن، في كلمته عقب التصويت، أن المشروع يقف إلى جانب المدنيين المتضررين، “لكن من المؤسف بدء بعض الدول العربية في التطبيع مع النظام السوري وتجاهل قانون قيصر الذي يهدد بعواقب وخيمة على التطبيع”.

محاولات التطبيع مع النظام التي تنشطت خلال الشهر الجاري، لا تلقَ بالتأكيد دعما دوليا أو حتى توافق عربي، فجهود التطبيع منقسمة عربيا، وهي محاولات من بعض الدول كالإمارات مناكفة السعودية، التي هي بالتأكيد ما زالت ترفض التطبيع مع النظام بشكل كامل، وتتقاطع مصلحتها في هذا الملف مع مصلحة الولايات المتحدة الأميركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.