تهافت بعض الأنظمة العربية لإعادة النظام السوري إلى الحاضنة العربية 

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

من خلال مايدور اليوم تعد مسألة إعادة النظام السوري للحضن العربي باتت جليّة للجميع ولم تعد خافية على أحد، ولكن هذا الأمر لن يتم بهذه السهولة والانسياب، فقد بدأت ردود وأصوات دولية خاصة الرافضين لتعويم الأسد، تتعالى وتدور حول ثباتهم على موقفهم الرافض ضد التطبيع مع النظام ، بل والتلميح إلى احتمالية ترتيب آثار سلبية جمة على هذه الأطراف، نتيجة لهذا الاندفاع العربي لإعادة تأهيل الأسد.

هذا الأمر أكده السيناتور الأميركي، جيم ريش، حيث قال إن التطبيع العربي مع الأسد سيفتح الباب أمام عقوبات محتملة سواء على الدول العربية أو دمشق نفسها، وهذا احتمال وارد في الواقع، بالنظر إلى أن مايسمى بالحكومة السورية لا تزال متعنّتة بسياساتها القمعية. ولم تغيّر من سلوكها إطلاقا، وفوق ذلك لا تزال خاضعة بالكامل لكل من إيران وروسيا.

من هنا تبرز بعض التساؤلات حول توقعات الأثر المحتمل للتطبيع بين الدول العربية والنظام على مستوى علاقات هذه الدول مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية، وما إذا كان يمكن لدولة ما التطبيع مع النظام إلى الحدّ الذي يضعها في مواجهة مباشرة مع واشنطن، وإذا كان التطبيع بين الدول العربية والنظام السوري  يعني فرض عقوبات مباشرة على هذه الدول، أم أن العقوبات ستكون فقط على أساس التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري.

السيناتور الجمهوري، والعضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في “الكونغرس” الأميركي، جيم ريش، أكّد أن موجة التطبيع العربي مع بشار الأسد، ستفتح الباب أمام عقوبات أميركية محتملة. وجاء ذلك في تغريدة نشرها ريش على حسابه الرسمي بمنصة “تويتر”، تعليقا على زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق، يوم الإثنين الماضي.

السيناتور الجمهوري أردف أن “الموجة الأخيرة من التواصل مع الأسد لن تفيد شركاءنا العرب، ولن يكون من شأنها إلا فتح الباب لعقوبات أميركية محتملة”، مؤكدا أن كارثة الزلزال “لن تمحو جرائم بشار الأسد بحق الشعب السوري، ويجب منع إعادة تأهيل النظام أو إعادته إلى الجامعة العربية”.

وضمن هذا السياق، يرى الباحث الأكاديمي والسياسي الأميركي في مركز “لندن” للدراسات السياسية والاستراتيجية، مايكل مورغان، أن التطبيع مع بشار الأسد في هذا الظرف هو بطبيعة الحال فرصة للدول العربية بذريعة إنسانية. ولا يعتقد مورغان أن ثمة عقوبات مباشرة على النظام من هذا التطبيع العربي المحتمل مع الأسد، لكن ربما سيكون هناك نوع من التقليل للاحتكاك المباشر بين ممثلي الغرب في الدول العربية مع حكومات هذه الدول أنفسهم.

مورغان يستبعد بنسبة كبيرة خلال حديثه، من أن تكون هناك عقوبات مباشرة ضد تلك الدول العربية، ولكن قد يكون هناك نوع من الانتظار لقيام تبادل اقتصادي وتجاري كبير بين هذه الدول والولايات المتحدة، في حال تطورت العلاقات بين الدول العربية هذه والنظام  بشكل كبير.

أما المحلل السياسي السوري المقيم في واشنطن، أيمن عبد النور، يستبعد خلال حديثه ، أن يكون هناك عقوبات غربية جرّاء التطبيع العربي، لكن يرى أن هناك شيء أكثر أهمية، وقد تمت الموافقة عليه يوم الإثنين الماضي في سياق العقوبات على النظام ، وهو مشروع قانون بشأن الزلزال الذي ضرب كلّ من سوريا وتركيا. ومطالبة الغرب بضرورة مراقبة وصول المساعدات لمن يستحقها بشكل مباشر، وزيادة الرقابة على وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، حتى لا يتم سرقتها من قبل النظام السوري أو أي جهة في شمال غرب سوريا، وهذه خطوة مهمة في رأيه.

رئيس لجنة الشؤون الخارجية في “مجلس النواب” الأميركي، السيناتور الجمهوري مايكل ماكول، الذي أعرب عن “القلق من استغلال بشار الأسد لكارثة الزلزال المأساوية”، داعيا إلى “التحرك لمنع التطبيع مع النظام السوري”. وجاء ذلك في بيان أصدرته لجنة الشؤون الخارجية، بعد موافقة “مجلس النواب” الأميركي، على مشروع قانون بشأن الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط الماضي، ينص على دعم الاستجابة الإنسانية في سوريا وتركيا، ويدين النظام السوري ويدعو إلى زيادة الرقابة على وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

السيناتور ماكول أردف “يسعدني أن مجلس النواب صوّت بأغلبية ساحقة لصالح القرار”، مؤكدا على أن “الكونغرس” الأميركي “يقف إلى جانب السوريين والأتراك بعد الزلزال المدمر الذي حدث بداية الشهر الماضي”، موضحا أن “القرار الذي وافق عليه الكونغرس يحث الإدارة الأميركية على الاستمرار في التزامها بحماية الشعب السوري، ولا سيما من خلال تطبيق قانون قيصر”، معربا عن قلقه من أن العديد من الدول قدّمت مبادرات دبلوماسية للنظام.

في المقابل، أصدر نائبان في “الكونغرس”، مساء الثلاثاء الماضي، بيانا مشتركا انتقدا فيه زيارة وزير الخارجية المصري إلى دمشق، وطالبا بعدم السماح للأسد الذي وصفاه بـالقاتل المتوحش” باستغلال كارثة الزلزال لكسر عزلته. وأكد النائبان فرينش هيل، وهو من “الحزب الجمهوري”، وبرندان بويل، من “الحزب الديمقراطي” وهما الرئيسان المشتركان لمجموعة “أصدقاء سوريا الحرة والمستقرة والديمقراطية”، أن لقاء شكري مع الأسد يعزز قدرته على الاستفادة من الزلزال، للتلاعب في طريق عودته إلى “الجامعة العربية” والاستفادة من الكارثة الطبيعية لكسب تعاطف زعماء العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.