المفاوضات الإيرانية عرقلة أم حق مشروع

يبدو أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا ، والعقوبات المفروضة حاصرت روسيا رغم عدم اعتراف بوتن بخسارته الكبرى وغرقه في مستنقع بات من الصعب الخروج منه.  

تخوف روسي من العقوبات الغربية التي فرضت عليها على خلفية حربها في أوكرانيا ، مخافة أن تشمل تلك العقوبات التعاون بين طهران وموسكو الأمر الذي دفع الروس للمطالبة بضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاتفاق النووي ، حيث تعتبر روسيا هذه الضمانات حقا مشروعا ، بينما يتهمها الكثير بأنها محاولة من الجانب الروسي لعرقلة الاتفاق النووي ، حتى ولو كان حقا مشروعا كونها شريك أساسي في الاتفاق النووي مع إيران .

 المفاوضات النووية لم تكن لتتم لولا الدور الذي لعبته روسيا بتأثيرها على شريكتها إيران وإقناعها بالجلوس على طاولة المفاوضات قبل رفع العقوبات كاملة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي خرجت من الاتفاق من طرف واحد عام 2018 فليس من مصلحة روسيا أن تصدّر إيران الغاز في الوقت الراهن وتكون طهران بديلة لها ، كون الغرب كله متحد ضدها ويحاربها اقتصاديا .

يبدو أن روسيا والغرب يزيدون الآن ورقة إضافية إلى شبكة العلاقات المعقدة واللعبة المعقدة التي يقوم بها الغرب ضد روسيا ، وروسيا ضد الغرب .

أما الموقف الإيراني من الضمانات الروسية التي تطلبها من الغرب التي وصفتها طهران في وقت سابق بأنها غير بناءة في هذه المرحلة ، يعتقد بأنه من الممكن أن يُصار إلى توافق بين الطرفين حتى لا تعود جميع الأطراف المنضوية في محادثات فيينا إلى نقطة الصفر.

كما يبدو أن إيران لاتملك طرف الخروج عن الشراكة الروسية لأسباب عديدة منها التعاون المشترك بينهما بالنسبة لأزمة كاراباخ وآسيا، ويبدو أن هناك حالة فقدان للثقة بين الجانب الإيراني والأمريكي لأن الأمريكي يخرج من أي معاهدة ببساطة كما حدث سابقا في فترة تولي الرئيس دونالد ترامب.

بالنسبة للإدارة الأمريكية فهناك دائما حوارات بين الجمهوريين والديمقراطيين وتتأرجح المواقف بين اتفاق ومعارضة بالنسبة للوضع الإيراني .

إيران تريد حليفا أو شريكا يكون ضامنا لها في هذا الاتفاق على أقل تقدير .

وترجح التقديرات أن إيران تحاول تسويق نفسها كبديل لروسيا في توريد الغاز والطاقة لأوربا ، وخاصة بعد أن تعالت بعض الأصوات الأوربية راغبة بتوريد موارد الطاقة الإيرانية وواشنطن علقت موضوع النفط والغاز الروسي.

الحرب الروسية ضد أوكرانيا تجعل من إيران تتسابق لتصدير مواردها الطاقية ، والاستفادة من الوضع والتوترات في أوربا الأمر الذي جاء في صالحها ، وهذا ما يراه الكثيرون حقا مشروعا وتراه إيران أن يكون معوضا لها بعد العقوبات الصارمة التي اتخذت بحقها وتنمية اقتصادها الداخلي . 

روسيا تلعب دورا كبيرا وتقنيا بالنسبة لإيران كنقل اليورانيوم وغيرها من علاقات التعاون بينها وبين طهران كما أن روسيا هي المسؤولة عن محطة الطاقة الذرية الإيرانية ، فكيف لها أن تقدم كل هذه الخدمات دون أن تعود بالفائدة عليها.

وفي الجانب الآخر روسيا ترفض أن تطبق العقوبات على الجانب التجاري بينها وبين إيران ،وخصوصا ممكن لهذه العقوبات أن تُرفع في زمن لاحق فلم تنتهِ المشكلة الأوكرانية بعد، ولم تنته العقوبات الأمريكية على روسيا .

ومازالت روسيا لم ترد بعقوبات مماثلة على عقوبات الاتحاد الأوربي كما هددت سابقا. 

فقد صرح الجانب الروسي في وقت سابق أن موسكو ستقوم بفرض عقوبات في القريب العاجل مضادة للعقوبات الغربية.

ويبقى السؤال المطروح حاليا هل من الممكن أن تقبل الإدارة الأمريكية بإعطاء الضمانات للجانب الروسي حتى يُصار إلى التوصل لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تم عام 2015.

أو من الممكن أن تقوم أمريكا بإيجاد نقطة وتقديم عرض لإيران ليس من مصلحة الأخيرة رفضه ، بحيث يكون عرضا مغريا من أجل أن يدقوا إسفينا في العلاقة الروسية الإيرانية وتمتنع أمريكا وقتها عن إعطاء ضمانات لروسيا بشأن هذا الموضوع ، كما أنه ليس من المؤكد نجاح هذا الحل في حال وجوده .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.