المتنبي وكافور الإخشيدي هجاء خلده التاريخ،،

انتشرت عبر التاريخ قصة المتنبي مع كافور الإخشيدي والّذي لُقب بأبي المسك فقد كان المتنبي عبدًا من عبيد الحبشة الذين تمّ بيعهم في أسواقها ففي بدايته أصبح خادمًا لِتاجر الزيوت بعدها أصبح في ظل الكاتب محمود بن وهب الّذي لولاه لمّا تعلم القراءة والكتابة فبفضل الله ثمّ سيده استطاع أنّ يلتقي بالإخشيد الّذي غيّر مجرى حياته فهو لم يكن ذلك العبد الذي يُنفذ أوامر سيده فحسب بل كان حدقًا وفيًا لسيده ولهذا أصبح حرًا طليقًا، لم ييأس كافور من روح الله بل وصلت طموحه عنان السماء حتى أصبحت مصر تحت حكمه بعد أنّ توفى الله محمد بن طغج، عرفّه مدونّو التاريخ على أنّه حاكم عادل في حكمه، فقد كان محط اهتمامه رجال الدين والعلماء وكذلك الشعراء الّذين حظوا بِالكثير من المكافآت ولهذا لجأ إليه المتنبي بعد أنّ ترك سيف الدولة الحمداني
علم المتنبي أن الإخشيدي يرعى الأدباء والشعراء ، ولأنه كان من ألمع شعراء عصره فقد قرر أن يذهب إلى كافور طمعًا في عطاياه وكان يطمع أيضًا أن يحصل عنده على منصب هام في الدولة الإخشيدية وبالفعل ذهب المتنبي لمصر وتقرب إلى كافور وبدأ يمدحه بعدد من القصائد ومنها قوله :

ومن مثل كافور إذا الخيل أحجمت
وكان قليلا من يقول لها أقدمى

شديد ثبات الطرف والنقع واصـــل
إلى لهــوات الفـــــارس المتلثم

فلو لم تكن فى مصر ماسرت نحوها
بقلب المشــــوق المستهام المتيم
أما لم كان هجاء المتنبي لكافور. على الرغم من أن كافور قدم العطايا للمتنبي وأكرمه وقربه منه لكن طمع المتنبي بحيازة منصب له في حكم مصر ولم ينل ذلك فرجع من مصر وقام بهجاء كافور هجاءا لاذعا قال فيها :
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيداً دونها بيد
لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها
وجناء حرف ولا جرداء قيدود
وكان أطيب من سيفي معانقة
أشباه رونقه الغيد الأماليد
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي
شيئاً تتيمه عين ولا جيد
يا ساقيي أخمر في كؤوسكما
أم في كؤوسكما هم وتسهيد
أصخرة أنا ما لي لا تحركني
هذي المدام ولا هذي الأغاريد
إذا أردت كميت اللون صافية
وجدتها وحبيب النفس مفقود
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه
أني بما أنا شاك منه محسود
أمسيت أروح مثر خازنا ويداً
أنا الغني وأموالي المواعيد
إني نزلت بكذابين ضيفهم
عن القرى وعن الترحال محدود
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود
ما يقبض الموت نفساً من نفوسهم
إلا وفي يده من نتنها عود
أكلما اغتال عبد السوء سيده
أو خانه فله في مصر تمهيد
صار الخصي إمام الآبقين بها
فالحر مستعبد والعبد معبود
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
فقد بشمن وما تفنى العناقيد
العبد ليس لحر صالح بأخ
لو أنه في ثياب الحر مولود
لا تشتر العبد إلا والعصا معه
إن العبيد لأنجاس مناكيد ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن
يسيء بي فيه عبد وهو محمود
ولا توهمت أن الناس قد فقدوا
وأن مثل أبي البيضاء موجود
وأن ذا الأسود المثقوب مشفره
تطيعه ذي العضاريط الرعاديد
جوعان يأكل من زادي ويمسكني
لكي يقال عظيم القدر مقصود
ويلمها خطة ويلم قابلها
لمثلها خلق المهرية القود
وعندها لذ طعم الموت شاربه
إن المنية عند الذل قنديد
من علم الأسود المخصي مكرمة
أقومه البيض أم آباؤه الصيد
أم أذنه في يد النخاس دامية
أم قدره وهو بالفلسين مردود
أولى اللئام كويفير بمعذرة
في كل لؤم وبعض العذر تفنيد
وذاك أن الفحول البيض عاجزة
عن الجميل فكيف الخصية السود
فكان المتنبي شاعراً سليط اللسان سرعان ماتنكر للجميل لمن أكرمه وبذل له العطايا وتناقلت الناس قصيدته وانتشرت على ألسنة الناس يذكرها الناس في مجالسهم إلى يومنا هذا.

إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.