العباءة العربية تاريخ ورمزية

يمتاز الزي العربي بأصالته وأناقته ومما يميزه العباءة فقد كان العرب قديما يعدون العباءة أغلى من الذهب والأموال  لذلك كان التكريم لايحدد إلا بإهداء العباءة  

وفي الموروث الثقافي للقبائل العربية كانت العباءة ترمز إلى الفخر والرفعة وحين يتم إهداء العباءة لشخص ما فهذا يعني تكريم ورفعة له 

فالعباءة تعتبر رمزا للوجاهة ومقياسا لرقي المكانة الإجتماعية

ولطالما شاهدنا في مناسبات عديدة  كمناسبات الأعياد والمولد النبوي قيام خطيب المسجد  بوضع العباءة على أكتاف الأمراء والمسؤولين في إشارة منه  الى أنه  الآمر  الناهي وصاحب الحل والربط وماعلى الرعية سوى الولاء والطاعة

وعندما يطلب منك أحدهم التوسط له في موضوع شاءك غالبا مايقول لك  انت ملبس عباءة أي أنه يمنحك كامل الصلاحيات للتفاوض بدلا عنه

ويذكر أنه عندما توفي سلطان باشا الاطرش  أراد أحد كبار المسؤلين في الدولة أن يلبس عباءة الباشا لولده منصور  فرفض الأخير أن يلبسها مبررا اعتذاره بالقول : أن أباه الشيخ سلطان قد نسج عباءته بيده حتى وصل إلى ماوصل اليه وهو لايريد أن  يلبس عباءة غيره إنما يريد هو الآخر أن يصنع عباءته بنفسه  كما فعل والده 

تلك هي العباءة وتلك هي رمزيتها

واليوم تبدلت الغزلان بقرود وأصبحنا نلاحظ عند وفاة فلان من الناس قيام البعض بوضع العباءة على أكتاف أحد أبنائه في دلالة إلى أنه أصبح في مقام والده وغالبا مايكون ذلك الوريث لايساوي ثمن العباءة التي تم تكريمه بها أو على الأصح لايساوي ملىء اذنه نخالة وعندما يقوم شخص بزيارة أقاربه في مكان ما نجدهم يضعون العباءة على أكتافه دون إدراك أكثرهم أبعاد هذا التكريم 

مما جعل العباءة تفقد الكثير من قيمتها المعنوية فبعد أن كانت العباءة نادرة في مجتمعنا ليس لعدم قدرة الكثير على شرائها وإنما لمدلولاتها والمتطلبات الإجتماعية المترتبة على مرتديها  أصبحت اليوم وسيلة يستغلها البعض من أنصاف الرجال لإنزال أنفسهم مكانة إجتماعية ليسوا أهلا لها 

في الماضي كانت العباءة حكرا على الشيوخ وزعماء القبائل  أصحاب العقل والحكمة رواد الرأي والمشورة وقضاة الدم واليوم للأسف أصبحت تباع على البسطات وتهدى للمتسلقين وباعة الأوطان وتلبس في حضرة الغاصب والمعتدي

كانت لأصحاب الوجاهة والوقار واليوم يرتديها فقراء الوجاهة والوقار

إن القيمة الحقيقة ليست بالعباءة بل بمن يرتديها والمواقف كفيلة بإظهار معادن الأشخاص وكفيلة بتغيير نظرتك تجاههم

بعضهم لاتفارق العباءة بدنه لكنه غائب عن أي موقف رجولي أو أخلاقي وبنفس الوقت تجده حاضرا في خيم المناسبات لاتفوته الفايتة ولا الطبخة البايتة يتهرب عند اللزوم وأفعاله لاتتعدى اقواله فهو  زين لسان قليل إحسان. 

“من كتاب التراث بتصرف” 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.