التقارب العربي مع النظام السوري والطريق المسدود منذ البداية

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

مع دخول الصراع السوري عامه الثالث عشر ، لا يزال النظام السوري يرفض تقديم تنازلات لخصومها المحليين، رافضا مطالب طويلة الأمد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها كحل سياسي لا يزال بعيد المنال.

في حين كثفت دول الخليج العربية الغنية بالنفط جهودها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، لكن محللين يقولون إن الشلل السياسي المستمر يرجح أن يمنعهم من ضخ مليارات الدولارات لإعادة الإعمار في سوريا.

ويشير الانهيار السريع والقياسي لليرة السورية، التي تخطت حاجز 13 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، إلى أن الوضع بات أسوأ على النظام بعد التقارب.

وربما تفسر ذلك زيادة الضغوط الغربية على النظام، وعدم القبول الغربي لعمليات التطبيع العربي معه، في ظل تعنّت النظام في عدم إبداء  مصداقية لحلحلة جميع الملفات التي يطلبها منه العرب وهي: اللاجئون، الكبتاغون والحل السياسي.

وبعد عودة النظام إلى الجامعة العربية، مدّد الرئيس الأميركي جو بايدن حالة الطوارئ الخاصة بسورية، الأمر الذي يعني أن النظام لا يزال يشكل تهديداً للأمن القومي في الولايات المتحدة بدعمه للإرهاب، وبسبب عدم الاستقرار الذي تعيشه البلاد.

عبّرت واشنطن للعرب وعمّان التي تحمل لواء المبادرة العربية، عن عدم اقتناعها بخطوة التقارب لقناعتها بعدم استعداد النظام وبشار الأسد للتجاوب.

يضاف إلى ذلك خطوات تشريعية في الكونغرس الأميركي لقانون مناهضة التطبيع، إذ يحاول المشرعون في الولايات المتحدة تثبيت عزلة النظام، وتضمين ذلك بقوانين لا يمكن للإدارة الحالية أو الإدارات اللاحقة التساهل معها.

ولا تبدو النتائج واضحة لعملية التقارب العربي مع النظام السوري، سواء على مستوى الوضع الداخلي للنظام أو علاقاته الدولية، وحتى على مستوى تحقيق أي تقدم في إطار الملفات التي حملتها المبادرة العربية التي دعى لها الأردن وتبنتها الجامعة العربية، وفي مقدمة المبادرة مكافحة تهريب الكبتاغون وصناعته، وعودة اللاجئين، وتحقيق مصالحة أو حلّ سياسي بما يتناسب مع القرار الأممي 2254.

ولا يبدو النظام مستجيباً لأي من الملفات التي تحملها، وبدا ذلك واضحاً من زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق بداية شهر تموز الحالي ولقائه رئيس النظام بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، لبحث التطبيع مع ما خلص إليه اجتماع عمّان الوزاري وبيان الجامعة العربية الذي أفرز لجنة وزراية عربية لبحث الملفات المتفق عليها مع النظام. وتلك اللجنة لم تعقد أول اجتماعاتها حتى الآن.

فالصفدي حمل إلى دمشق مطالب الدول العربية للنظام لتنفيذ ما تم الاتفاق والإعلان عنه في اجتماع عمّان، والمتمثلة ببدء عودة 4 آلاف لاجئ سوري من الأردن إلى سورية بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن الصفدي أخبر بشار الأسد بأن مؤسسات الأمم المتحدة ترفض تقديم أي دعم مالي لعودة العدد المتفق عليه، بسبب عدم قيام النظام بأي خطوة تجاه دعم عودة هؤلاء اللاجئين واعتبار الأمم المتحدة أن عودة هؤلاء السوريين ستهدد حياتهم.

وكان قد طلب الصفدي من النظام اتخاذ خطوات قانونية لحل مشاكل عدة معرقلة للتقدم في المبادرة، وهي: منع الملاحقات الأمنية، عدم إرسال الشبان للخدمة العسكرية، وتأمين عودة الممتلكات لأصحابها وإلغاء أي استملاك أو مصادرة للأملاك، وإطلاق سراح أي معتقل جرى اعتقاله أخيراً أو تبيان وضعه حياً أو ميتاً، إضافة للطلب من روسيا عدم عرقلة قرار تمديد المساعدات عبر الحدود.

وبين هذه وتلك ،فالأوروبيين والولايات المتحدة لم يكونوا حازمين في رفضهم تطبيع بعض الدول العربية مع النظام، ربما لأنهم رأوا في هذا التحرك العربي فرصة لاستكشاف حقيقة استعداد النظام السوري للمضي في الحل السياسي في حال الانفتاح عليه وتخفيف العقوبات ضده ومسايرته بشأن توفير تمويل لإنعاش اقتصاده. واعتبر أن كلمة بشار الأسد  خلال القمة العربية في جدة وضعت النقاط على الحروف بهذا الصدد، وأكدت أن الأسد لا يسعى ولا بأي شكل للتسوية السياسية، ولهذا زادوا من ضغوطهم عليه.

لتصل الأمور اليوم إلى درب مسدود بعنجهية النظام السوري الواهية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.