التطبيع العربي مع النظام السوري إلى أين

شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى

تعتبر محاولات بعض الحكومات العربية التطبيع مع النظام السوري خسارة للشعب السوري المنكوب ومكسب لإيران وروسيا

مجلة فورين بوليسي” الأميركية، استعرضت عواقب محاولات بعض الدول، إعادة تأهيل النظام السوري ، وقالت المجلة في تقرير إن: “مبادرة الإمارات نحو التطبيع مع الأسد، بهدف الاستثمار في الصناعة والبنية التحتية في سوريا، لم تفلح في تحقيق أي اتفاق مهم مع دمشق، بل لفتت إليها انتباه السلطات التي تقوم بفرض عقوبات على دمشق في كل من أوروبا والولايات المتحدة“.

استعرضت المجلة كذلك، محاولات الجزائر في إعادة النظام السوري إلى الساحة العربية، من بوابة القمة العربية، عبر إقناع العرب بضرورة إعادة تفعيل مقعد دمشق في الجامعة العربية، لكن جهودها هي الأخرى باءت بالفشل لعدم توافق الدول العربية على هذا الملف.

بحسب التقرير فإن فشل إعادة تأهيل النظام السوري ، يتجلى بأبهى صورة من خلال تجربة الأردن، التي تخلت عن دعم المعارضة، وأعادت افتتاح معبر نصيب-جابر، ما سهل من انتشار المليشيات الإيرانية والمواد المخدرة على حدودها مع سوريا.

ويرى محللون أن جميع محاولات الدول العربية، إعادة علاقاتها مع النظام ، قد فشلت، بسبب العقوبات المفروضة على النظام ، وفشل الأخيرة في تقديم أي خطوات حقيقية في ملف الحل السياسي في البلاد، وفك ارتباطها بالجانب الإيراني.

فلقد فشلت محاولة الإمارات في التطبيع مع النظام والتي كانت تهدف من ورائها إلى الاستثمار في القطاع البنى التحتية والصناعات وسوى ذلك، وفشلت كذلك الأردن في محاولة التطبيع التي روجت كثيرا إلى ضرورة التطبيع مع الأسد، انطلاقا من أنه باقي في السلطة وأنه يجب أن نتعامل مع الأمور بواقعية، والواقعية التي تحدث فيها العاهل الأردني أثمرت عن خطوات قامت بها الأردن عبر اتصالات و زيارات مسؤولين و أيضا فتح معبر نصيب، لكنها بالمقابل لم تجلب للأردن سوى حبوب الكبتاغون وحرب المخدرات التي بات يشكو منها الأردن.

وحتى أن جيش الأردن عجز عن مواجهة الميليشيات الإيرانية، التي تشرف على عمليات التهريب، أيضا كانت هناك محاولات الجزائر التي فشلت أيضا في إعادة النظام السوري  إلى الحضن العربي وإلى الجامعة العربية.

ويعتقد أن عوامل فشل التطبيع مع النظام السوري ، لها جانبين أولهما عقوبات قيصر التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على النظام السوري وكل من يتعامل معها، وثانيها عدم انخراط النظام في العملية السياسية.

فالنظام لم ينخرط أو يقدم أي تنازل في اتجاه الحل السياسي أو على الأقل الانخراط سعيا للحل السياسي، ومع ذلك وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اقترح منذ بضعة أيام، فكرة مبادرة عربية للتوصل الى تسوية سياسية في سوريا، تنهض على سياسة الخطوة مقابل الخطوة و هذا المنهج جرى اعتماده حتى من قبل المبعوث الاممي الى سوريا لكن لم يثمر هذا النهج أي تقدم حتى في اجتماعات اللجنة الدستورية.

ويستبعد محللون أن يكون النظام  قادر على تقديم ما هو مفيد للعملية السياسية في سوريا، وذلك بالنظر للفشل التي منيت به جميع المحاولات السابقة، التي كانت مقترنة بالقرار 2642، المرتبط بتقديم الأموال لتحقيق التعافي المبكر.

هذا بالحقيقة تعويل فاشل لأن المبادرات السابقة فشلت لنفس الأسباب التي ذكرتها، وبالتالي إذا كان هناك مسعى عربي ربما يتجلى بالقمة العربية المقبلة في بداية تشرين الثاني في الجزائر، لكن كل هذه المبادرات محكومة بالفشل بالنظر الى طبيعة النظام وارتباطه العميق و تحالفه مع النظام الإيراني و النظام الروسي، وبالتالي كل هذه المحاولات ستذهب أدراج الرياح أمام تصلب النظام وحلفائه.

وكانت جهود بعض الدول العربية خلال الأشهر الماضية، تتزامن مع طرح ملفات انتهاكات النظام السوري وجيشه، على الصعيد الدولي في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك في مسعى  لقطع الطريق على بعض الدول التي بدأت تروج لعودة العلاقات مع النظام ، من بوابات عدة أبرزها البوابة الاقتصادية.

فهناك مسارين لعودة العلاقات مع النظام ، وهما المسار العربي والأوروبي، لكنهما تعطلان بتحرك من الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا.

فالمسار العربي كان يمتلك هدف وحيد وهو فك ارتباط النظام بالجانب الإيراني، بعض الدول العربية كانت تظن أن عودة علاقاتها مع النظام السوري سوف تؤدي إلى فك الارتباط مع إيران، لكن في النهاية ثبت عدم صحة هذا الأمر.

والمسار الأوروبي كان ينتظر من سوريا تقديم مغريات أو تقديم إصلاحات حقيقية من أجل عودة اللاجئين وحل بعض الأمور في الشرق الأوسط، من أجل الانفكاك ولو بشكل محدود عن إيران، لكن أيضا الدول الأوروبية تفاجأت بعدم مقدرة النظام على هذا الأمر.

فالجانب الأميركي هو صاحب القرار، بالانفتاح على النظام السوري من جديد، فالانفتاح على النظام ليس قرار عربي ولا أوروبي. في فترة من الفترات كانت الدول تسعى لأخذ هذا القرار بدون موافقة واشنطن، شاهدنا بعض الزيارات لمسؤولين عرب إلى سوريا، وأوروبيين أيضا بشكل سري.

والأميركان ينظرون للنظام السوري حاليا بأنه حليف لروسيا ولا يمكن الوثوق به ولا يجب الانفتاح عليه، فيجب التضييق عليه وتحميل روسيا أعباء إضافية. لذلك في هذه الفترة وطالما أن الإدارة الأميركية، لا ترغب بأي انفتاح على النظام السوري لن نشاهد هذا الانفتاح وسيكون طي النسيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.