سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
ليس هناك كلمات تستطيع أن تعبر عن الحال المأساوي الذي وصل إليه السوريون اليوم في مناطق انتشارهم بالداخل والخارج، غير أن أكثرها مأساوية تلك المناطق التي تسيطر عليها ما تسمى بقوات النظام السوري، وما يسميها معظم السوريين حكومة ميليشيا الأسد.
وبعيداً عن التوصيفات والتسميات التي قد يختلف عليها السوريون، لكنهم بالتأكيد لن يختلفوا على الواقع السوداوي الذي أوصلتهم إليه تلك دولة الكبتاغون وتعززه الأرقام الكارثية الصادرة عنها، وليس هذا فحسب، فالمتوقع دائماً هو الأسوأ.
ويمكن اعتبار عام 2022 الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام ، إذ لم يمر أسبوع دون كارثة، سواء في الاقتصاد أو السياسة أو اجتماعياً وأخلاقياً.
فخلال عام 2022، هبطت الليرة السورية إلى مستوى تاريخي، إذ تجاوز سعر صرفها في السوق السوداء بالعاصمة دمشق حاجز الـ7000 مقابل الدولار الأمريكي، وهو ضعف ما كانت عليه نهاية عام 2021، ليكون هو الهبوط الأكبر خلال عام لليرة.
فالضغوط التي مارسها النظام السوري على التجار والصناعيين عبر الإتاوات والتشبيح، لتمويل الميليشيات بعد سيطرة كل من روسيا وإيران على أهم الموارد في البلاد، دفعت مئات الصناعيين والحرفيين وتبعهم مئات آلاف الموظفين إلى الهروب من مناطق سيطرته.
وسجل عام 2022، إقفال أكثر من 500 مصنع ومئات المطاعم، فضلاً عن هروب نحو مليون موظف من القطاع الخاص فقط، وكل هذا باعترافات رسمية من قطاعات الرسمية المختلفة، ما يعني أن الأرقام الحقيقية قد تكون أكبر من ذلك بكثير.
فقبل أيام فقط نشرت صحيفة موالية أن الإحصائيات الصادرة عن غرفة صناعة دمشق تشير إلى أن عدد العاملين الذين تركوا أعمالهم في القطاع الخاص بلغ حوالي 900 ألف عامل، عدا عن القطاع العام الذي لا يوجد إحصائية رسمية شاملة له، غير أنه في شهر واحد في اللاذقية قدم أكثر من 500 موظف في القطاع العام استقالتهم.
أما فيما يتعلق بالمصانع، فقد قال أحمد شهاب، صاحب منشأة في مدينة عدرا إن أكثر من 500 معمل في مدينة عدرا الصناعية توقفت تماماً هذا العام 2022 عن العمل نتيجة توقف إمداد المازوت والفيول وانقطاع الكهرباء الطويل.
وعن المطاعم، قال رئيس شعبة المطاعم في غرفة سياحة دمشق ماهر الخطيب، إن أغلب المطاعم والمنشآت السياحية لم تحصل على مخصصاتها من المحروقات منذ حوالي 6 أشهر.
واعترف أن ما يزيد عن 20% من المطاعم أغلقت أبوابها نتيجة ارتفاع تكاليف الاستثمار، كما إن عدداً كبيراً منها اتجهت إلى تقنين ساعات العمل لتوفير مصاريفها، فبدلاً من 8 ساعات باتت تعمل لـ6 ساعات فقط.
وتشهد مناطق سيطرة النظام شللاً تاماً في أبرز القطاعات الحيوية، ولا سيما قطاعي النقل والكهرباء، والقطاع التعليمي والخدمي، حتى بدت شوارع معظم المحافظات السورية ومدنها خالية من السيارات وانتشرت العديد من الصور لوسائل نقل بدائية كالطنابر والحناتير.
وكان عضو لجنة تجّار ومصدري الخضروات والفواكه بدمشق أسامة قزيز، قال إن أجرة نقل السيارات المحملة بالخضر المتنوعة من درعا إلى دمشق أصبحت 500 ألف ليرة سورية بعد أن كانت قبل أسبوع بحدود 350 ألفاً، في حين أن أجرة نقل السيارة المحملة بالحمضيات من طرطوس إلى دمشق أصبحت اليوم بحدود 900 ألف بعد أن كانت بحدود 600 ألف، حسب صحيفة موالية.
هذا جزء بسيط مما حدث في سوريا خلال هذا العام، ليبقى الشعب السوري المنهك، لعبة بيد النظام وشبيحته.