سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
اعتاد الشعب السوري منذ إنقلاب حافظ الأسد على السلطة في سوريا على تسيير معاملاتهم في دوائر النظام بالرشوة حتى وإن كانت مكتملة الشروط فهي إكرامية أو حق فنجان قهوة..و اتخذت الرشوة في أغلب مناطق النظام السوري خلال الأشهر الأخيرة شكلاً جديداً نتيجة الإنهيار المستمر للعملة السورية والتضخم الحاصل في البلاد، إذ بات على الراشي الراغب بتقديم رشوته بالليرة السورية “حمل حقائب سفر لنقل الأموال المقدمة إلى المسؤولين” بحسب وصف أحد موظفي النظام السوري ، وباتت الليرات الذهبية هي المعترف بها بين أصحاب المناصب العليا المسؤولين عن إعطاء التراخيص والاستثناءات وما إلى ذلك.
وقالت مصادر خاصة أن بالليرة الذهبية بدأ في منتصف العام 2021 مع بداية أزمة جوازات السفر حينها، حيث اشترط مسؤولون وضباط في إدارة الهجرة والجوازات على المواطنين دفع ليرة ذهبية سورية واحدة قيمتها نحو مليون ليرة سورية حينها، مقابل تسهيل استخراج الجواز.
وأضافت المصادر أنّ مدراء ومسؤولين وضباط في المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية استنسخوا تجربة الرشوة خلال أزمة الجوازات، ولم يقبلوا بعدها الرشوة بالليرة السورية، مشيرة أنّ المعاملات الهامة تم تقسيمها إلى فئات تبدأ فيها قيمة الرشوة من ليرة ذهبية واحدة وتصل حتى 10 ليرات وأكثر.
وأشارت المصادر أنّ الرشوة لترخيص بناء في الأرياف القريبة من العاصمة دمشق تراوحت بين ليرة ذهبية واحدة وثلاث، وبذات التسعيرة لاستثناءات فتح المحلات والأكشاك في مكان مخالف.
في حين كان الأمر مختلفاً في الفروع الأمنية ومحكمة الإرهاب، حيث يتم دفع ليرة ذهبية مقابل كل معلومة يقدمها الضابط عن معتقل وكذلك مقابل كل إجراء من إجراءات تغيير مواعيد المحاكمات ونتائجها.
وكشف مصدر آخر أنّ الرشوة بالليرات الذهبية انتشرت في أوساط القضاء المدني، وتبدأ الأسعار التي يتلقاها القاضي أو النائب العام من ليرة ذهبية أو ليرتين، وتزيد حسب نوع القضية وأهميتها وأطراف الادعاء.
وأكدت مصادر عديدة من مناطق مختلفة في دمشق وريفها أنّ الضباط والمتنفذين في جيش النظام لم يعودوا يقبلوا “الرشوة الكاش” في عمليات نقل وفرز العناصر و”التفييش”، وأوضحوا أنّ الكلفة تبدأ من ليرة ذهبية واحدة وتصل إلى خمس ليرات بحسب منطقة الخدمة والقرب والبعد عن مكان إقامة العسكري.
ويصعب دفع الرشوة بالعملات الأجنبية لصعوبة توفيرها والملاحقات الأمنية التي تطال المتداولين بها، إضافة لانتشار العملات المزورة التي يصعب كشفها.
وتعتبر “الرشوة” في سوريا أحد أكثر أوجه الفساد الحكومي شيوعاً، ومن البديهي أن يدفع المواطن رشوة هنا و”إكرامية” هناك للتمرير معاملة أو الحصول على ترخيص أو التهرب من مخالفة، لكن الجديد في الأمر هو عدم قبول الرشوة إلا بالليرة الذهبية.
وبلغ سعر الليرة الذهبية السورية مليونين و500 ألف ليرة سورية بحسب النشرة التي صدرت عن جمعية الصاغة في 25 من كانون الأول الحالي.
واختفت الليرات الذهبية من الأسواق بشكل مفاجئ نتيجة امتناع الصاغة عن بيعها لارتفاع الطلب عليها مؤخرا بعد استخدامها في الادخار أو الرشوة داخل المؤسسات الحكومية واستخدامها في تحديد المقدم والمؤخر من عقود الزواج نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية التي وصلت إلى 6400 ليرة مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء.
وقد وصل الأمر إلى أن أغلب الموفيا لأماكن الدسمة كما يقولون أصبح يحمل في جيبه ميزان الكتروني صغير خاص بالذهب، إضافة إلى عدسة ليعرف أن الليرة الذهبية سليمة.