العراق – فريق التحرير
تسود حالة من السخط الشعبي داخل العاصمة العراقية بغداد، بعد بناء السلطات بوابات حديدية على الجسور المؤدية إلى المنطقة الرئاسية الخضراء، مع اقتراب إحياء ذكرى احتجاجات أكتوبر 2019، وسط توقعات بتجدد الاحتجاجات.
ويعزو صحفيون وناشطون عراقيون تحدثوا بناء هذه البوابات، إلى أن السلطات تريد منع وصول مظاهرات جديدة إلى المنطقة الخضراء الشهر المقبل الموافق للذكرى الثالثة لاحتجاجات أكتوبر، وحتى لا تتكرر مآسي احتجاجات أتباع التيار الصدري هناك الشهر الماضي.
ومنذ يومين، تشهد بغداد اختناقات مرورية شديدة، بعد أن قطعت السلطات جسرين حيويين.
واحتجاجات أكتوبر 2019، المعروفة محليا بـ”احتجاجات تشرين”، و”ثورة تشرين”، اندلعت في صورة شعبية بعيدة عن الطائفية، وطالبت بإنهاء النظام السياسي القائم على المحاصصة والطائفية، ورفضت التدخل الخارجي في شؤون العراق.
وقتل في هذه الاحتجاجات، التي استمرت أشهرا، المئات، وتسببت في استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وإعلان عقد انتخابات مبكرة تمت في أكتوبر 2021، لكن يرى عراقيون أنها لم تحقق أهدافها كاملة، ويحيون ذكراها باحتجاجات جديدة كل عام.
ناشطون عراقيون اعتبروا أن بناء بوابات اسمنتية لتحصين المنطقة الخضراء، ولحصر الاحتجاجات في ساحات بعيدة عنها، دليل على مخاوف السلطات من التظاهرات الشعبية.
ويعلق علي كريم بأن غلق الجسور في الوقت الذي تشهد فيه شوارع بغداد أزمة مرورية، يعني أن السلطات تزيد هذه الأزمة لحد الاختناق.
وعن بناء البوابات الحديدية، يقول: “في السابق كانت الحكومات تبني الأسوار والبوابات الكبيرة لحماية البلد من الخارج، أما اليوم تبني الأسوار لحماية نفسها من الداخل، وهذا أمر غير صحيح، وقرار غير رشيد”.كالمعتاد، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بحملات النقد والهجوم على المسؤولين، مع تذمر من ضياع عدة ساعات في طابور الازدحام المروري الذي أخذ يشل العاصمة.
ودفعت كثرة الانتقادات قيادة عمليات بغداد لإصدار بيان، الأحد، يوضح سبب خروج بعض الجسور عن العمل، جاء فيه، أن السبب هو “إجراء أعمال صيانة”.
لكن صحفيون رأوا أن ما يحصل يقابله الناس بـ”السخرية” المريرة من المشهد السياسي، وتأثيراته على حياة المواطنين اليومية.
وبتعبير الصحفية ريم الهاشمي: “هناك سخرية من بناء بوابات حديدية على جسر الجمهورية في بغداد، لأن الموضوع مضحك أكثر مما هو مبكٍ.. مضحك لأنه لا يمكن أن تحمي نفسك بهذه الطريقة، والناس أخذت تصف الحكومة بصاحبة الابتكارات، من باب التندر”.
وتحذر من أن “الجسور في بغداد بائسة متهالكة، ولا تتحمل هذه الأطنان من البوابات الحديدية وتحميلها فوق طاقتها الاستيعابية”، معتبرة أن “المنظر غير اللائق وغير جميل، ويشوه جمالية العاصمة، وسر جمالية الجسور حينما تكون مفتوحة للناس لا مغلقة”.
وعن إمكانية أن يمنع غلق الجسور المتظاهرين من الوصول للمنطقة الخضراء، تقول ريم الهاشمي إن “هذا ليس حلا لمنع الناس؛ لأن هناك عدة طرق يمكن ابتكارها من المحتجين كما حصل في تظاهرات سابقة”.
يأتي هذا والعراق لم يلملم جروحه بعد من الاحتجاجات التي شهدها الشهر الماضي، وبدأها أتباع تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء خلال مطالبتهم بحل البرلمان وتغيير النظام الحاكم بالكامل.
وقتل في هذه المنطقة أكثر من 30 شخصا وجرح العشرات خلال مواجهات بين المحتجين وتحالف “الإطار التنسيقي” المقرب من إيران، ولم تتوقف إلا بتوجيه الصدر أوامر لأتباعه بفض الاحتجاجات، فيما تتواصل حاليا الحوارات بين الأطراف العراقية للوصول إلى مخرج من الجمود السياسي الراهن.
وكالات