سياسة بناء المراقد في سوريا للتملك الإيراني بامتياز

تثير المراقد الدينية الإيرانية كثيرا من الجدل ليس فقط بين المعادين لإيران لأسباب طائفية

اتخذت إيران من مسألة الدفاع عن المقامات حجة لتبرير تدخلها في سوريا ورسالة ترويجية لجذب الميليشيات الشيعية من كل أصقاع العالم واجتهدت بتأسيس المراقد الدينية الإيرانية في سوريا مدعية أنها أضرحة للأئمة المعصومين غير آبهة بشهادات السكان المحليين حول عدم صحة رواياتها فقد بنت مراقد لأناس عاديين كما تقوم ببناء مرقد في ريف دير الزور غرب المياذين لنبع ماء كان اسمه عين علي وعلي هو صاحب الأرض ليس له علاقة بعلي بن أبي طالب 

ومن المراجع التي يعتمد عليها الإيرانيون في سياستهم التوسعية كتاب مشاهد ومزارات ومقامات آل البيت عليهم السلام في سوريا لرجل الدين الشيعي هاشم عثمان الذي يدعي أنه يوجد في دمشق وحدها عشرين مشهدا شيعيا وفي حلب سبعة مشاهد وفي كل من اللاذقية وحماة أربعة وفي حمص ثلاثة أما في مدن الجزيرة السورية فيوجد حوالي أحد عشر مشهدا وينسب العدد الأكبر من هذه المشاهد إلى الإمام علي بن أبي والحسين والإمام زين العابدين وبقية آل البيت الذين هم براء من دين التشيع

وعملت إيران على ترميم قبور قديمة في منطقة الجبل عند مدخل دير الزور الجنوبي مدعية أنها قبور لصحابة علي بن أبي طلب وهي في الحقيقة قبور لا يتجاوز عمرها المئة عام وتعود لعوائل بعاج وحوكان وسند ومعروف وحيزة حباش والمنطقة التي توجد فيها كانت عبارة عن صحراء ولم تصبح مقبرة إلا بعد أن توسعت مدينة دير الزور

وينطبق الأمر ذاته على مقام السيدة سكينة في مدينة داريا الذي عملت إيران على بنائه بعد السيطرة على المدينة في آب ٢٠١٦ وهو بشهادة الأهالي مجرد بناء قديم ولم يكن معروفًا قبل سنة ١٩٩٩ ويعتبر دخيلا على داريا ولم يحظ بأية أهمية لأنه ليس هناك ما يثبت تاريخيا أنه يعود لأي رمز ديني سني أو شيعي إلا أن سياسية طهران بالتوسع عبر المراقد الدينية الإيرانية لا تهتم على ما يبدو بكل هذه الاعتبارات التاريخية

وتنفذ إيران من خلال الكوادر المشرفة على المراقد الدينية الإيرانية أنشطة دعوية واجتماعية وكثير منها موجه للأطفال من خلال الفعاليات والرحلات وفرق الكشافة والمسرح والبرامج التي تعزز رواياتها عن تلك الأضرحة وأصحابها الأمر الذي يسمى في علم التربية بالأنشطة اللاصفية التي من شأنها غرس القيم والمبادئ وتعزز تغيير السلوك وتسهم في تحفيز التلاميذ على التحصيل الدراسي في الاتجاه الذي تدعو له إيران خاصة أن تلك الأنشطة ترتبط بتوزيع المساعدات المالية والإغاثية والطبية للفئة المستهدفة من الأطفال وذويهم

فطهران تعمل على بناء المراقد الدينية الإيرانية بالطراز المعماري الفارسي الواضح وتشتري ما يحيط بها من عقارات وتنشئ فيها الأسواق والمشافي والفنادق التي تقدم خدماتها لعناصر ميليشياتها وللسكان المحليين وذلك بهدف بناء صورة إيجابية عن الدور الإيراني في سوريا فعلى سبيل المثال ينقل المرضى والمصابون من الجنود المنتمين للفرقتين السابعة والتاسعة من القوات النظامية إلى مستشفى الخميني في منطقة السيدة زينب وليس إلى المشافي الحكومية أو العسكرية السورية فالسعي

لتشييد المراقد الدينية الإيرانية يوازيه عمل آخر لا يقل عدوانا على الهوية الوطنية السورية يتمثل بالعدوان على رموز وأوابد عربية تاريخية ومثاله الجرائم البشعة المتكررة التي تعرض لها قبر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز في دير سمعان إذ تم قصفه بالتعاون مع القوات النظامية وكذلك قصف المساجد التاريخية مثل الجامع العمري في درعا والمسجد الأموي بحلب وجامع خالد بن الوليد بحمص

وكل ذلك يجري بعلم النظام السوري وأجهزته الأمنية.

إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.