بدأت إيران برنامجها النووي في خمسينيات القرن العشرين، والذي تعثر في كثير من السنوات، فاستمر كجزء من برنامج “الذرة مقابل السلام” ،ولكن الطموحات الإيرانية كانت أكبر من مجرد إجراء بحوث صغيرة في برنامج الطاقة النووي؛ حيث توسعت مشاريعها النووية خلال سنوات بشكل كبير، مما أثار مخاوف الجميع بامتلاك إيران طاقة نووية ، من شأنها أن تشكل تهديدا خطيرا على الساحتين العربية والدولية .
وتعتقد الإدارة الأمريكية بأنّ هناك مؤشرات تؤكد على نيّة إيران الاستمرار في البحث عن مخرج يؤمن لها مصالحها، ولكنها غير مستعدة للقبول بصياغة أي حلّ تحت تأثير التهديدات الإسرائيلية أو الأميركية . وتأتي المناورة الإيرانية من أجل إطالة أمد المفاوضات كسباً لمزيد من الوقت من خلال اقتناع الإيرانيين بأن أوروبا ترفض بشكل قاطع توجيه أية ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
فلـم تكن العقوبات الاقتصادية ذات جدوى في دفع إيران إلى تقديـم تنازلات للدول الغربية مما يتفق مع منطق وقف إيران الكامل لنشاطات تخصيب اليورانيوم.
وهناك بعض الدول كالصين مثلا ، التي استفادت من تلك العقوبات المفروضة على إيران مستغلة إياها ؛ إذ تقوم بشراء النفط الإيراني بأثمان بخسة، خرقا لقرارات مجلس الأمن.
فقد سعت إيران لفرض هيمنتها على الدول المجاورة لها من خلال دعم ميليشات للتنصل من العقوبات وإيجاد موارد جديدة تنعش الاقتصاد الإيراني، وخلق بلبلة في المنطقة من شأنها أن تخفف الضغط الموجه إليها وتعظيم مكاسبها من العملية التفاوضية بينها وبين الولايات الأمريكية.
وقد فشلت العقوبات الحالية في وقف نشاط طهران النووي، والذي أدى إلى عودة طرح خيار الضربة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكن لهذا الخيار انعكاسات محتملة ، قد تؤدي إلى تصعيد متبادل بحيث يفقد الملف النووي برمته سياقه، و ينتقل إلى ملفات أخرى، و إلى فوضى إقليمية، وأمام هذا الوضع سيكون على الإدارة الأمريكية أن تنقل جهودها للتركيز على استراتيجية “احتواء ودرع” للتعايش مع إيران نووية.
و لم ترغب إيران في إلغاء الاتفاق ؛حيث كانت تسعى جاهدة لرفع العقوبات التي من شأنها تصحيح الوضع الاقتصادي المتعثر فيها .
ويرى الجانب الإسرائيلي أن إيران تمارس ابتزازا نوويا ،وأن الرد المناسب سيكون بوقف المفاوضات واتخاذ خطوات صارمة من قبل الدولة الكبرى ،
وكررت اسرائيل مرارا وتكرارا بأنها غير ملزمة بأي اتفاق تبرمه القوى الدولية مع الجانب الإيراني ، وأن من حق اسرائيل الدفاع عن أمنها القومي بالطريقة التي تراها مناسبة.
ويرى بعض المسؤولين الأمريكيين أن الإيرانيين مافتئوا يواصلون توسيع برنامجهم النووي بطرق تستفز المجتمع الدولي وذلك بزيادة نسبة التخصيب إلى نسبة 60%
والحول دون وصول مفتشي الوكالة الدولية إلى المنشآت النووية الإيرانية؛ حيث أنه لايوجد، استخدام مدني لليورانيوم بنسبة 60%، مما يعني تقريب إيران تقنيا من القدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، وهي النسبة المطلوبة لتصنيع القنبلة النووية كمان يقول الخبراء.
لطالما طلبت الإدراة الأمريكية من إيران أن تتبنى مواقف جديدة وتغير من سياستها في المشروع النووي، بما يتناسب مع روح خطة العمل الشاملة المشتركة فإن المفاوضات ستصل وبسرعة إلى طريق مسدود يصبح بعده من الصعب إن لم نقل المستحيل بعث الروح في هذا الاتفاق.
ويقول انطوني بلينكن “إن استمرار إيران بالمماطلة، وكسب الوقت وفي الوقت ذاته تطوير برنامجها النووي وتحديثه، يعني أن المفاوضات سوف تصل إلى نقطة تصبح معها العودة إلى بنود اتفاق 2015 مستحيلة “.
حيث طالبت إيران كشرط من شروطها لوقف أبحاثها النووية رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية ، وبشكل كامل عن إيران ، وليس فقط النووية منها ، وتطلب ضمانا من الحكومة الأمريكية بأن أي اتفاق جديد لن يكون باستطاعة أي رئيس جديد إلغاءه ،كما فعل ترامب حين ألغى اتفاق 2015.
وهذا المطلب شبه مستحيل لأن أي رئيس أمريكي غير قادر دستوريا على إعطاء مثل هذه الضمانات.
مازالت الاتفاقات والمفاوضات مستمرة فهل سيعاد إحياء هذا الاتفاق بما يسعد جميع الأطراف ، وبما يتناسب مع الطموحات الإيرانية ؟؟؟
إعداد: دريمس الأحمد