معامل الأسمنت في سوريا تفقد اليد العاملة مما يعرضها للتوقف

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

يعتبر الأسمنت من أكثر المواد الخام أهمية في الحضارة الإنسانية، حيث يستخدم على نطاق واسع في كثير من عمليات البناء والتشييد، وتتعدد أنواعه، إذ يوجد حاليا نحو 42 أسمنتا معياريا، وهذه الأنواع المختلفة يتم استخدامها في عدد كبير من التطبيقات المهمة.

أما اليوم في سوريا فقد كشف تقرير نقابة عمال البناء والإسمنت في دمشق عن تراجع كبير في عدد الأيدي العاملة الخبيرة في صناعة الإسمنت، ما يهدد استمرار العمل في هذا القطاع، في ظل موجات اللجوء والهجرة إلى خارج سوريا بحثاً عن ملاذات آمنة، خوفاً من الاعتقال أو الاقتياد للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.

وأرجأ التقرير هذا الأمر إلى عدم رفد قطاع الإسمنت بالخبرات الفنية التخصصية، وعدم السماح بالتعاقد مع الخبرات الموجودة بعقود خبرة بعد التقاعد نتيجة الحاجة الماسة لها، حيث بات الكثير من مفاصل العمل الأساسية في خطوط إنتاج الإسمنت شاغرة.

رئيس الاتحاد المهني لعمال الإسمنت والبناء في سوريا، خلف الحنوش، قال لصحيفة الوطن المقربة من النظام السوري، إن هذا القطاع مهدد بشكل كبير نتيجة فرض النظام أسعاراً محددة لمبيع الإنتاج لا تتناسب مع تكاليف إنتاج الإسمنت، حيث بلغت كلفة الإسمنت 70 في المئة منها قيمة كهرباء وفيول.

وأضاف أن الإنتاج في شركة إسمنت عدرا وصل خلال العام الماضي إلى 160 مليار ليرة سددت منها قيمة كهرباء وفيول 106 مليارات، وهذا غير منطقي، لأن هناك حاجة كبيرة لتجديد خطوط الإنتاج التي أصبح عمرها عشرات السنوات، وهذا العمر الطويل أصبح ينعكس على زيادة نفقات الطاقة والتجهيزات وبالتالي زيادة تكاليف الإنتاج، إضافة إلى حرمان العمال من تحقيق الأرباح رغم الإنتاج الهائل الذي تجاوز 550 ألف طن من الإسمنت في شركة عدرا.

رئيس مكتب النقابة، أوضح أن عدد العاملين في قطاعي الإسمنت والبناء بلغ 6 آلاف عامل وعاملة، ربعهم من العاملات ومن مجموع العاملين هناك 1569 عاملاً وعاملة في القطاع الخاص.

وتعاني معظم القطاعات الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري، سواء المهنية أو التجارية أو الصناعية، من نقص في اليد العاملة خبيرة كانت أم غير خبيرة، وفقاً لما أكده العديد من القائمين على الأنشطة الاقتصادية، مشيرين أيضاً إلى أن البحث عن عامل دائم بات من شبه المستحيلات.

وقبل أيام، كشف مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للنظام السوري، أن هنالك زيادة لافتة في عمالة المرأة في سوريا، بسبب هجرة قسم كبير من الذكور إلى خارج البلاد، إذ بات هنالك سبع نساء مقابل كل رجل في سوق العمل.

وبالرغم من أهمية الأسمنت فإن عملية إنتاجه تتسبب في انبعاث كميات كبيرة من الغازات الضارة، ومن أهمها غاز ثاني أكسيد الكربون، المتهم الرئيسي في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث يتسبب إنتاج طن واحد من الأسمنت في انبعاث نحو طن من هذا الغاز، وتقدر الأبحاث أن العملية التصنيعية للأسمنت في العالم تسهم بنحو 5% من مجمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذي الآثار السلبية على بيئة الأرض.

ويتم صنع الأسمنت عن طريق خلط الحجر الجيري مع طين الومينوسيليكات، ثم يسخن في فرن ضخم على درجة حرارة تبلغ 1500 درجة مئوية، لتنتج كتلا رمادية تعرف باسم “كلنكر”، والتي هي عبارة عن مجموعة من الأكاسيد كأكسيد الحديد والسليكون والأمونيوم والألمنيوم والكالسيوم، وبعد أن يتم تبريد هذا الخليط، يضاف إليه الجبس ويطحن بشكل ناعم لإنتاج أسمنت، ويعبأ في أكياس خاصة أو يوضع في حاويات معدة لهذه الغاية.

وكل هذه المعضلات سببت بقلة اليد العاملة في معامل الاسمنت في سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.