رسالة من أب إلى ابنه مع التحية

منوع – حسين الدقليس 

إنَّ للوالدين مقامًا وشأنًا يعجز الإنسان عن إدراكه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصرًا منحسرًا عن تصوير جلالهما وحقّهما علينا كأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودنا، وعماد حياتنا، وركن البقاء لنا.

لقد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعايتنا وتربيتنا، وتحملا في سبيل ذلك أشدَّ المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي، وهذا البذل لا يمكن لشخصٍ أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان، لهذا فقد اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مقدَّسًا استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل، وأوجب لهما حقوقًا علينا لم يوجبها لأحدٍ على أحدٍ إطلاقًا، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده فقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا)، إنَّ الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده

كم من العمر أمضيت لأجلكم وكم عانيت  وتعبت وأنتم صغار لكي أوفر لكم لقمة عيش شريفة والحلال

حتى الطيور إن كبرت  تطعمها  صغارها علما لا وجود لها لا بيوت ولا  أعشاش.  

فكيف بالإنسان الذي ميزه الله عن باقي المخلوقات بالعقل.

فالكثير ينكر المودة وصلة الرحم لوالديه وينكر تربيتهم وتعب سنوات في تربيته  فالمصير هو دار العجزة ودور الرعاية الاجتماعية للدولة.

فأي نكران وأي جحود وأي قطع لصلة الأرحام هذه في هذا الزمان

شتان بين الاثنين

طائر ومخلوق يطير بين الأشجار  يطعم أباه وأمه عمد كبرهما ولا مأوى لهم. 

وبين إنسان أنعم الله عليه بالعقل وأنعم عليه بوالدين أفنوا أعمارهم  لأجلك وتربيتك وتقديم كل شيء لك منذ صغرك  ومنها نعمه الجسم والأكل والمنزل الذي أنت فيه. 

فأي جحود وأي نكران هذا ياابن آدم.

اسأل الله الهداية لكل من ظل الطريق وقصر بحق والديه في حياتهم

وأن يعوض كل تقصير إن كانوا قد رحلوا إلى رب رؤوف رحيم .

..كثيرًا ما يتمُّ تصوُّر أنَّ برَّ الوالدين يكون بالاستجابة لكلِّ أوامرهما، وهذا ناشئٌ من الخلط بين مفهومي “البرّ” و”الطاعة”، وهنا يجب التفريق بين ما يخصُّ الوالدين ويدخل في دائرة حقوقهما، وبين ما يخصُّ الابن أو البنت ويدخل في دائرة حقوقهما، ولكن يحقُّ للوالدين أدبًا، ومن باب المصاحبة والإحسان، إبداء الرأي والمشورة في ذلك، وبعد هذا الرأي والمشورة يعود القرار لصاحبه.

نريد جميعًا أن تكون أسرنا المسلمة أسرًا يسودها الحب والألفة بين جميع أفرادها كبارًا وصغارًا، وذلك يكون باحترام بعضهم البعض، ووجود ثقة متبادلة بين أفرادها . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.