سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، العود السوري على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، نظرا إلى تميزه بصوته الفريد ومنحنياته المصنوعة يدويا بدقة فائقة.
وعلى الرغم من أن آلة العود موجودة في جميع أنحاء المنطقة، فإن العود السوري يشتهر بنغماته النقية وأصواته الفريدة والمتناسقة.
وقال أحد صانعي العود “هناك ملحنون كثر يعتمدون في ألحانهم على العود، لا يستعينون بأي آلة أخرى سوى العود السوري، لأنه يتيح عزف أكثر من مئتي مقام، فهو يقدم العلامة الكاملة ونصف العلامة وربع العلامة”.
لكن صناعة العود تأثرت بشدة بالحرب السورية والأزمة الاقتصادية، في السنوات التي أعقبت الحرب، مع تراجع الطلب على الآلات الموسيقية.
وأوضح صاحب ورشة لصنع الأعواد في دمشق، أنه بالإضافة إلى تراجع الطلب، فإن الزيادة الكبيرة في الأسعار بسبب المواد الخام باهظة الثمن دفعت الزبائن إلى العزوف عن الشراء.
وقال :نعتمد على السوق الداخلي والقوة الشرائية ضعيفة جدا، وليست متناسبة مع الأسعار، وهذا يعني عمليا أن العود ارتفع سعره بنحو 20 مرة، والسبب في ذلك هو ارتفاع أسعار التكلفة”.
ومع إدراج العود في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، ستتعاون الأمانة السورية للتنمية مع المنظمة الدولية لدعم الحرفيين في ترويج وبيع منتجاتهم من أجل الحفاظ على الصناعة.
وقالت مساعد تنفيذي لبرنامج التراث الحي للأمانة السورية للتنمية، إن العمل على هذا المشروع بدأ في سنة 2018، ثم جرى تقديم الملف، وأدرج في نهاية سنة 2022.
واُتخذ القرار خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية التابعةلليونسكو لحماية التراث الثقافي غير المادي، الذي عقد في ديسمبر الماضي، وشمل أيضا صناعة الأعواد الموسيقية والعزف عليها.
وبعد أسابيع قليلة فقط من رحيل ملكها ورمزها الأول الفنان السوري الكبير صباح فخري، الذي رحل عن عالمنا في الثاني من شهر نوفمبر الماضي، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) القدود الحلبية على لائحة التراث الثقافي العالمي غير المادي، خلال انعقاد الدورة 16 للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي اللا مادي في باريس.
معتبرة أن جزءا من ثقافة وتراث المجتمع السوري العريق أضيف إلى التراث الإنساني العالمي، معتبرة أن القدود الحلبية مرآة لعمق وأصالة الهوية الفنية السورية.
فن القدود الحلبية هو من أهم ركائز الفن السوري، وهو من الألوان الفنية الرفيعة التي تشتهر بها خاصة مدينة حلب وغيرها من مدن سوريا كمدينة حمص، ومن هنا فإن هذا الإدراج من قبل منظمة عالمية كاليونسكو لهذا الفن السوري الأصيل، ضمن لوائح التراث الثقافي غير المادي العالمية، هو بمثابة تكريم أممي مستحق للفن السوري ككل، وإقرار بعراقته وعمقه الحضاري.
وتنتشر في مدينة حلب شمال سوريا، والتي هي ثاني أكبر مدن البلاد بعد العاصمة دمشق، معاهد ومدارس موسيقية مختصة بهذا النوع من الطرب والغناء والإنشاد، والتي تستقطب العديد من الطلاب الذي يرغبون في صقل موهبتهم في هذا اللون الفني الرفيع.
ويشتهر المطربون الحلبيون عادة، بأداء هذا النوع الطربي، المخضرمون منهم والشباب، والذي هو جزء لا يتجزأ من الهوية الحلبية، والقدود كنوع من الفنون الموسيقية السورية السحيقة، هي عبارة عن منظومات غنائية بنيت على ما يعرف بالقد، أي على مقياس مقطوعة موسيقية رائجة.