حلب – مروان مجيد الشيخ عيسى
وثّق ناشطون إعلاميون المعاناة الكبيرة التي يعيشها مهجّرون ومعتقلون سابقون لدى النظام السوري، في أحد دور العجزة وذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات بريف حلب الشمالي.
وحسب ما نشره الناشط الإعلامي أحمد رحال على صفحته في فيسبوك، فقد وصل العديد ممن تعرضوا للاعتقال والتعذيب الوحشي على يد الميليشيات المجرمة التابعة للنظام السوري، إلى مرحلة الاختلال العقلي والجنون والعجز البدني إثر ضربهم الشديد في السجن وتعذيبهم بكافة الطرق المرعبة وعلى رأسها الكهرباء وقلع الأظافر.
وخلال جولة الرحال في دار المسنّين وذوي الاحتياجات الخاصة بمخيم باب السلامة بمدينة إعزاز، أجرى لقاء صحفياً مع مدير المركز “أبو بكري” الذي يلقب بـالجد، فقد أكد الأخير أن العديد من حالات الجنون والاختلال العقلي سببها الميليشيات وما تقوم به بحق الثوار الذين انتفضوا بوجه رئيس النظام بشار الأسد.
وأوضح أبو بكري” إلى أن الدار التي أسسها في مناطق الشمال تضم نحو 35 شخصاً ممن فقدوا الأهل والأقارب كما تم توزيعهم على عدة فئات تشمل أقسام كبار السن / الشلل العقلي والحركي / المهجرين ممن قصف النظام بيوتهم ولا يوجد لهم مأوى.
ولفت إلى أنه في قسم الشلل العقلي والحركي يوجد العديد من الأشخاص الذين خرجوا من سجون النظام السوري وهم بحالة مزرية لا يستطيعون خلالها الكلام أو التفكير ، مضيفاً أن من بينهم شاباً يدعى “علي” من حلب، تعرّف إليه الناس بعد خروجه من المعتقل وهو في حالة عقلية سيئة.
ووضح مؤسس الدار أن الشاب “علي” تعرض للتعذيب الشديد وكان يبكي ويصرخ باستمرار في الأيام الأولى لقدومه إلى دار المسنّين وذوي الاحتياجات الخاصة، وأنهم عندما يقلمون أظافره كان يخرج منها برادة حديد من أثر بقايا الأسلاك الكهربائية التي ربطوه بها لتعذيبه.
وذكر أبو بكر أن أحد المختلين عقلياً وُجد في العراء بمنطقة دركوش ويُرجّح أنه خرج حديثاً من المعتقل، في حين أن شاباً يدعى عبد المنعم تم استضافته في الدار بعد فقده عقله داخل سجن تدمر الذي قضى فيه نحو 5 سنوات ذاق فيها فنون التعذيب والإرهاب، ما جعله يرفض الكلام بالعربية وينطوي على نفسه دائماً.
وتابع مؤسس الدار الجد “أبو بكري” أنهم يقومون بتقديم الطعام والشراب والرعاية الصحية الكاملة للمعتقلين الذين فقدوا عقولهم في سجون ومعتقلات النظام السوري، حيث يتم تنظيفهم من 3 إلى 4 مرات في اليوم وإعطاؤهم الأدوية الضرورية لهم لتهدئتهم ومساعدتهم على عبور هذه الأزمة التي تعرضوا لها.
كما أوضح أن من بين نزلاء الدار نازحين من فلسطين هربوا من عدة مناطق سوريّة بعد أن قامت قوات النظام بطردهم وتدمير منازلهم واعتقال أقاربهم، لكن من أغرب الحالات الموجودة هي لشاب من حلب فقد عقله ويعمل والده شبيحاً لدى النظام، حيث تركه للثوار ليرعوه وذهب هو ليعيش في مناطق النظام دون حتى أن يطمئنّ على ولده.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثقت في تقريرها السنوي لعام 2022، مقتل 1057 مدنياً في سوريا، بينهم 115 شخصاً قُتلوا تحت التعذيب في سجون ومعتقلات النظام السوري .
ووثق تقرير الشبكة وقوع 12 مجزرة في سوريا خلال العام الماضي، من بينها مجزرتان على يد النظام ومثلهما على يد القوات الروسية كما طالبت الشبكة مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّدت على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.