سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
لا يوجد أي سبب للوثوق بأي موقف صادر عن الرئيس أردوغان أو حكومته فيما يخص حماية المعارضة في عملية التطبيع مع نظام الكيماوي في سوريا، فقلّما تجد له موقفاً لم يمارس عكسه عملياً، سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية، طيلة فترة حكمه”.
بهذه الكلمات غرد خالد الخوجة، الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض، والقيادي الحالي في “حزب المستقبل” التركي الذي يقوده أحمد داوود اوغلو، تعليقاً على لقاء موسكو الثلاثي الذي جمع وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات التركية والروسية والسورية.
والخوجه مثله مثل الكثيرين من قيادات المعارضة السورية الذين حصلوا على جنسيات غير السورية.
أهمية ما قاله الخوجة لا تنبع فقط من كونه مسؤولاً سابقاً في أهم مؤسسات المعارضة السورية الرسمية، بل في اشارته لنقطة “التطمينات” المقدمة من الحكومة التركية للمعارضة السورية المقيمة على أراضيها والمتحالفة معها، إذ من الواضح اطلاعه على مضمون الاتصالات بينها وبين المسؤولين الأتراك عن الملف السوري.
فهناك تواصل مكثف بين الائتلاف وهؤلاء المسؤولين منذ الإعلان عن لقاء موسكو، بهدف تطمين المعارضة السورية من جهة وضبط رد فعلها من جهة ثانية.
وحسب مصادر في الائتلاف، فإن أنقرة شددت على أنها لا يمكن أن تتخلى عن “أصدقائها السوريين” وستدافع عن حقوقهم وتطلعاتهم في مفاوضاتها مع الطرف الآخر، وأن المطلوب من المعارضة السورية الصبر والثقة بالجانب التركي.
المصادر أكدت أن هذه التطمينات لم تمنع القلق والانقسام داخل الائتلاف، الذي عجز مع ذلك عن إصدار أي موقف رسمي رغم اجتماع الهيئة السياسية الخميس، حيث تقررإبقاء الهيئة في حالة اجتماع بانتظار اللقاء مع الخارجية التركية التي اقترحت موعداً مبدئياً له الاثنين، من دون تثبيته بشكل رسمي.
لكن ورغم ذلك، فقد تجنب الائتلاف أو أي من مكوناته إصدار موقف رسمي أو رد فعل، باستثناء تغريدة على “تويتر” قال فيها إن “مظاهرات حاشدة تعم مدن الشمال، تؤكد على ثوابت الثورة السورية بإسقاط النظام والانتقال السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي” الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان الشعبي ضد المؤسسة، والذي كان واضحاً خلال التظاهرات التي عمت مدن الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة رفضاً للمشروع التركي-الروسي الداعي للمصالحة بين المعارضة والنظام، حيث ندد الكثيرون من المشاركين بالموقف الضعيف للائتلاف، واتهموه بالتبعية الكاملة لتركيا على حساب المصلحة الوطنية.
وكشفت مصادر أن أعضاء ومكونات الائتلاف منقسمون الآن بين موقفين، جهة ترى أن التوجه التركي الجديد أصبح شديد الخطورة ولا يمكن مجاراته أكثر، بينما يرى آخرون أن القضية السورية يجب أن تخرج من هذا الاستعصاء وأن تعجل بالوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب بأي وسيلة، وبالتالي لا بد من المضي في هذا المسار من أجل تحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه من جانب المعارضة.
لكن كلا الفريقين كما تقول المصادر لا يجرؤ على التعبير عن مواقفه خشية ردود الفعل، حيث يتجنب الطرف المعارض للتوجهات التركية الإعلان عن ذلك بشكل رسمي كي لا يغضب الأتراك، بينما يدرك الطرف الآخر أن التصريح بموقفه سيضعه بمواجهة مباشرة مع الشارع السوري المعارض للمصالحة مع النظام، والذي أظهر موقفاً حاسماً في مظاهرات الجمعة.