بشار الأسد ونظامه وعفوه الكاذب

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

 

ليس مرسوم العفو عن بعض المعتقلين الذي أصدره بشّار الأسد مفاجئًا وليس استثنائيًّا، بل هو ببساطة مثل المراسيم السابقة التي ظهرت لأهداف محددة ومدروسة. تعوّد الأسد منذ بداية الثورة السّورية على إصدار مرسوم يطلق فيه سراح معتقلين؛ ليُحدث جدالًا وضجة تبقيه في دائرة الضّوء، وليشغل النّاس بمكرماته التي لا تُعَد ولا تُحصَى عن حدث همجي أو مجزرة أو موقف سياسي خارجي.

 

في بدايات الثورة، أصدر عفوًا عن المجرمين وأطلقهم في المدن الثّائرة، فقاموا باستئصال الثّورة وقتل أبنائها بالنّيابة عن النظام.

 

وبالاستناد إلى صورة خلاصات أحكام صادرة عن محكمة الإرهاب وتحديداً محكمة الجنايات الثانية بدمشق.فإن ما يصدره النظام لوسائل الإعلام شيء، وما يضمره لمعارضيه شيء آخر مختلف تماماً.

 

وقال أحدالمحامين : إن خلاصات الأحكام تدحض بشكل جليّ المضمون الفارغ لهذا المرسوم، وتؤكد بما لا يدعو للشك نوايا النظام المبيّتة ضد معارضيه، ولا سيما من مناطق جغرافية معينة كما هو واضح بصورة خلاصات الأحكام.

 

وأكد في حديثه أنه بحسب نص المرسوم يُمنَح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ، لكن في الحقيقة فإن المرسوم لا يشمل الجنايات ولا الجنح والمخالفات المنصوص عنها بقانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية، كما علق شمول بعض الجنح على شروط معينة منصوص عنها بمرسوم العفو.

 

وتابع، أن عبارة (حيث إنه ما زال فارّاً تقرّر الحجز على أمواله وأملاكه وإسقاطه من الحقوق المدنية عملاً بالمادة 329 من قانون أصول المحاكمات الجزائية)، تُعتبر سيف النظام المسلّط على رقاب كل معارضيه خارج مناطق نفوذه، وتخوّلها بنقل ملكيتهم إلى أشخاص جدد ما يمهّد لعمليات تغيير ديموغرافية واسعة النطاق، ولا سيما أن الأحكام الصادرة استهدفت مناطق جغرافية محددة.

 

ويؤكد أن الأسد وضع معارضيه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما العودة لمنع سرقة ممتلكاتهم من قبل ميليشياته وبالتالي يكونون قد حكموا على أنفسهم بموت محتّم، والأمثلة كثيرة على من عاد ضمن صفقات المصالحة المزعومة، وإما البقاء خارج البلاد وبالتالي يصبحون بحكم (الفارّ من وجه العدالة) ويتم الاستيلاء على ممتلكاته.

 

ونبّه إلى أن كوارث وتبعات المرسوم سوف تظهر بتطبيق تلك الأحكام لأن “العفو” المزعوم منح المتوارين عن الأنظار و”الفارين من وجه العدالة” تسليم أنفسهم في غضون ثلاثة أشهر بالنسبة إلى الفارين داخل البلاد، وأربعة أشهر بالنسبة إلى الفارين خارجها، بموجب نص القانون.

 

وختم بأن نص المرسوم استثنى بشكل صريح جرائم كان قد أُشير إليها في مراسيم سابقة، منها مواد تنص على العقوبة بالحبس المؤبد بحق من كشف وثائق أو معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة، وإذا سعى بقصد التجسس يُحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤقّتة.

 

واستثنى العقوبات المشمولة في 32 مادة من قانون العقوبات السوري، من بينها مواد تنص على عقوبة الأعمال الشاقة والسجن المؤبد، والعقوبات ينص عليها قانون العقوبات العسكري السوري، ومجموعة أخرى من القوانين صدرت أخيراً من رئيس ميليشيا النظام، من بينها قانون الجرائم الإلكترونية الصادر تحت مسمى “قانون الجريمة المعلوماتية رقم 20 لعام 2022”.

 

يشار إلى أنه منذ عام 2011، فرّ من ميليشيا أسد آلاف المجنّدين والضباط الذين رفضوا البقاء في صفوف القوات التي تواجه الثورة الشعبية ضد النظام، واعتقل النظام خلال السنوات الماضية الآلاف من العسكريين والمدنيين، وكثير منهم ما زالوا مفقودين في سجونه، ومصيرهم غير معروف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.