سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
استمرت روسيا خلال السنوات العجاف الماضية التحكم بقرار تمديد المساعدات عبر الحدود، من خلال استخدام مايسمى بالنقض الفيتو، والدفع باتجاه الاكتفاء بالمساعدات عبر الخطوط، ما دفع المنظمات السورية للبحث عن حلول لإنقاذ حوالي أربعة ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية في شمال شرق وغربي سوريا.
وتوجهت جهود “التحالف الإغاثي الأمريكي من أجل سوريا” (ARCS) ومجموعة من المنظمات السورية لدراسة دور مجلس الأمن في تمديد قرار المساعدات عبر الحدود في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية بالمنطقة، واستمرار النظام السوري وحليفه الروسي بمحاولة تسييس المساعدات.
وأصدرت منظمة “Guernica 37” بتفويض من “ARCS” وشركائها، في تشرين الثاني الماضي، دراسة حول قانونية تمديد المساعدات عبر الحدود دون التصويت على القرار في مجلس الأمن.
وخلصت الدراسة بالاستناد إلى مجموعة نقاط رئيسة، إلى أن تمديد المساعدات عبر الحدود في سوريا يعدّ قانونيًا دون الحاجة إلى تفويض من مجلس الأمن.
ومن المقرر أن ينتهي تفويض قرار مجلس الأمن بإيصال المواد الغذائية والأدوية وغيرها من المساعدات الأساسية عبر معبر “باب الهوى” من تركيا إلى شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر في 10 من كانون الثاني المقبل، وسط ضغوط روسية لتجميد القرار، مقابل الاعتماد على المساعدات عبر الخطوط، وبالتالي تحكّم سلطة النظام السوري المركزية في دمشق بملف المساعدات الأممية وتوزيعها.
حملت الدراسة عنوان “2014 ليست 2022″، وهو إحدى أبرز النقاط التي استندت إليها لتوضيح الفروقات بين حاجة ملف المساعدات لتفويض من مجلس الأمن في عام 2014، والتغيرات التي طرأت على المنطقة ليستمر تدفق المساعدات بشكل قانوني في العام الحالي دون التصويت على ذلك.
نائب رئيس مجلس إدارة “ARCS” وأحد المشرفين على الدراسة، ياسر تبارة، قال إن الظروف “العشوائية والمبهمة” في الشمال السوري، وتعدد أطراف النزاع الذي جعل خريطة السيطرة غير واضحة، دفعت مجلس الأمن للتدخل في 2014، لإدخال المساعدات إلى المنطقة.
وتعرضت قوافل المساعدات الإنسانية في مرحلة ما قبل تدخل مجلس الأمن لقصف متكرر، ما جعل تدخله من خلال القرار “2165” عاملًا لردع أطراف النزاع، وفق ما قاله تبارة، موضحًا أن الصيغة التي تدخل فيها المجلس جعلت لقرار المساعدات عبر الحدود وزنًا سياسيًا قويًا أوقف الاعتداءات على قوافل المساعدات.
في المقابل، أصبحت خريطة السيطرة أكثر وضوحًا في الوقت الراهن، ما جعل الوكالات الأممية قادرة على التعامل مع الجهة المسيطرة على معبر “باب الهوى” لتمرير المساعدات، بحسب ما قاله تبارة.
ويرى تبارة، الذي يحمل درجة الدكتوراه في القانون من جامعة “ديبول” في شيكاغو الأمريكية، أن تعامل الوكالات الأممية مع المسيطر على المعبر، يعد تعاملًا إنسانيًا لوجستيًا باعتبارها سلطة “أمر واقع” متحكمة بالمنطقة.حسب قوله
تعد اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية أساس القانون الإنساني الدولي الذي ينظم السلوك في النزاعات المسلحة ويحد من أثرها.
وتعطي الفقرة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع التي وقّعت عليها سوريا، رخصة للمنظمات الإنسانية غير المتحيزة لتقديم المساعدات دون إذن من النظام السوري في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية.
ورغم أن البروتوكول الإضافي الثاني قيّد تقديم المساعدات في هذه الحالة، اختارت سوريا مستخدمة حقها السيادي عدم التوقيع على هذا البروتوكول، ما يعني أن المنظمات المحايدة قادرة على تقديم المساعدات عبر الحدود بشكل قانوني، حتى في حال لم يوافق النظام السوري وفق ما قاله الدكتور ياسر تبارة.
وأوضح أن النظام السوري يعد موافقًا قانونيًا على المساعدات عبر الحدود، إذ اختار قاصدًا عدم التوقيع على البروتوكول الإضافي الثاني.
ويتحكم النظام السوري في مساعدات الأمم المتحدة لدرجة أن أغلب تلك المساعدات تذهب لقوات النظام السوري كدعم لوجستي فقد أظهرت صور بثها ناشطون كمية المواد التي تعطى كدعم لقوات النظام السوري وتكون عونا له في قتل السوريين، هذا عدا مايتم بيعه في الأسواق جهارا نهارا ليكون ثمنها يصب في جيوب مسؤولي النظام السوري ومليشياته.