يحتفل الكثيرون في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي للّغة العربية

منوع – مروان مجيد الشيخ عيسى

شكّلت اللغة العربيّة أداة لكتابة العلوم لما يزيد على عشرة قرون، فبحروفها وكلماتها تمّ تأليف أمّهات الكتب والمؤلّفات والمراجع العلميّة الضخمة؛ ففيها نزل القرآن الكريم وبها ألّف أبو بكر الرازيّ كتابه الشهير “الحاوي في الطبّ” وفيها كذلك ألّف ابن الهيثم كتابه العظيم “البصريّات”، وهنا نشير بعجالة إلى أنّ ابن الهيثم هو الذي وضع الأساسيّات في علم البصريّات والتي أسهمت في صناعة الكاميرا، وقد أطلق عليها اسم “القُمْرة” والتي تعني الحجرة المظلمة ومنها اشتُقّ مصطلح الكاميرا في الإنكليزيّة.فالعلماء العرب الذين كتبوا وألّفوا في ميادين العلوم كافّة، وإنّما لنقول إنّ العربيّة أسهمت في إثراء الحضارة الإنسانيّة بمختلف العلوم، وكان لها التأثير البارز في لغات العالم الأخرى.

ثم أن اللغة العربية هي الوحيدة التي تتفنّن بأسماء الحُبّ وتنوّع درجاته لتكون بذلك اللغة الأقرب إلى القلب. فالحبّ في العربية يتدرّج الشعور به كالآتي: الهوى، وهو أول درجات الحب. ثم “الصبوة”، فـ “الشغف”، ثم “الكلف”، يليه “العشق”، بعده “النجوى”، فـ “الشوق”، و”الوَصب”، ثم “الاستكانة”، و”الوله”، وأخيراً “الهُيام”.

وبالعودة إلى مضمون العبارة الافتتاحية، فإن العالم يحتفل باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من كانون الأول من كل عام، أي في مثل هذا اليوم. وبحسب تقديم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للمناسبة، فإن اللغة العربية “تعدّ ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة”.

واللغة العربية، بمختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، وبمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، أبدعت آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة. إذ تضم إلى جانب تفرعات الأدب العربي وفنونه وخصائصه وقواعده، كلاً من الفلسفة والهندسة والغناء والموسيقا، وغيرها.

وعالم اللغة العربية زاخر بالتنوع في الشكل والمضمون والأصول والمشارب والمعتقدات. وتاريخ اللغة العربية مليء بالدلائل التي تؤكد صلتها الوثيقة بعدد كبير من لغات العالم؛ فبالإضافة إلى كونها أهم أركان إنتاج المعارف ونشرها خلال حقبة ما قبل النهضة الأوروبية وما تلاها، ونقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في ذلك الحين، فقد خلقت اللغة العربية الحوار بين الحضارات والثقافات على طول مسالك طريق الحرير البرية والبحرية، من أقاصي الشرق الآسيوي إلى أقاصي الغرب الأوروبي، مروراً بقلب أفريقيا.

وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن انتشار اللغة العربية ضمن أقطار ودول العالم العربي، ليس احتكاراً على أبناء المكوّن العربي، بل ليس للغة العربية علاقة بالإثنية في الأساس. فالعربية هي اللغة التي أبدع بها كبار أدباء العالم  وشعراؤهم ومفكروهم، كأبناء المكون التركماني والفارسي والكردي والآشوري والسرياني ومختلف مكونات المشرق العربي، بالإضافة أيضاً إلى الأمازيغ في مغربه. والأدب العربي يزخر بأسماء كثيرة وكبيرة من أبناء تلك المكونات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.