سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
الخامس من شهر تشرين الأول الجاري ارتفع سعر الصرف، ليصل إلى نحو 4870 ليرة للدولار الواحد، لكن أسعار الصرف في مناطق شمال شرقي سوريا، كانت أكبر وواصلت الارتفاع بشكل مهول، حتى وصل في يوم الـ12 من الشهر الجاري إلى أكثر من 5400 ليرة، فيما بقي سعر الصرف في العاصمة دمشق وعموم المدن السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري عند حدود 4950-5000 ليرة للدولار الواحد، والفارق بين هاتين المنطقتين كان كبيرا، أي بنحو 400 ليرة سورية، وهذا أمر دعا للتساؤل.
فقد كشفت عن وجود عملية تلاعب بسعر الصرف تُدار من قِبل شخصيات تابعة للنظام السوري في دمشق، بغية سحب ملايين الدولارات من المناطق السورية عامة وتحديدا مناطق شمال شرقي سوريا، التي تعتبر غنية بالعملة الصعبة لما فيها من تجارة للنفط وتواجد كثيف للمنظمات المدنية والشركات التجارية وحركة خروج ودخول هائلة من المغتربين الذين يدخلون عبر معبر سيمالكا فيشخابور الواصل بين كردستان العراق ومناطق الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، ويجلبون معهم مبالغ مالية كبيرة.
المصادر ذاتها، قالت : إن الشخصيات المسؤولة عن عملية سحب الدولار مقابل ضخ العملة السورية هم تابعين للقصر الجمهوري في دمشق وتحديدا رجال وسماسرة حسام القاطرجي أحد تجار الحرب السورية، يقفون وراء ارتفاع سعر الصرف مؤخرا.
وأردفت بأن هناك أربعة مكاتب رئيسية للصرافة تابعة للنظام السوري، وتقع هذه المكاتب في كل من دمشق واللاذقية وحلب وحمص، ويعلمون في السوق السوداء.
التحكم الكامل بسوق الصرافة السورية في مناطق سيطرة النظام السوري يكون عبر سماسرة هذه المكاتب حصرا، وذلك عبر أساليب الضغط من قِبل أجهزة الأمن ورجال ميليشيا القاطرجي، على أصحاب مكاتب الصرافة الصغار والذين يعدون أفرع للمكاتب الرئيسية هذه.
في الربع الأخير من شهر أيلول 2022، قام أصحاب هذه المكاتب بالضغط على المكاتب الفرعية لإعطائهم العملة السورية، وتحديدا فئة الألفي ليرة سورية والخمسة آلاف، مقابل سحب الدولارات منهم، وبالفعل جرى استبدال العملات، من خلال استخدام أساليب الضغط والقوة، الذين اعتادوا عليه منذ سنوات، وفق المصادر الخاصة ذاتها.
الشخصيات التابعة للنظام السوري قد وزعوا قرابة التريليون ليرة سورية على حمص وحلب ودمشق واللاذقية.
و خفّض مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي إلى 3015 ليرة للدولار، ليكون أحد العوامل المساهمة في تدهور الليرة السورية، ويكون عاملا في عملية استبدال الدولار بالعملة السورية ما بين أفراد تابعين للنظام السوري وأصحاب مكاتب الصرافة.
ضمن هذا الإطار، يرى الباحث الاقتصادي والدكتور في العلوم المالية والمصرفية، وفيما يخص قيام ضباط القصر الجمهوري بهذه العملية، فاليوم معروف أن سوريا لم تعد دولة مؤسسات، بل دولة ميليشيات وأفرع أمنية، وبالتالي فإن مسألة تدهور الليرة السورية لها عدة عوامل وأسباب، ولا جديد في هذا الموضوع سوى أن الليرة السورية خسرت العديد من حاملاتها بالتزامن مع التضخم العالمي.
وبالتالي فإنه قد يكون ضباط القصر هم من يقفون وراء هذا الأمر ولكن كدولة سورية، دولة مافيوية، من الممكن أن يكون هذا الأمر قد حدث بالفعل وساهم في تدهور الليرة.
عملية استبدال الدولارات بالعملة السورية التي قامت بها الشخصيات التابعة للنظام السوري مع أصحاب المكاتب في شمال شرقي سوريا، دفعت إلى رفع قيمة الدولار أمام الليرة.
دفع هذا الأمر بالعديد من تجار الصرافة إلى تبديل الدولار مقابل الليرة، خاصة أن المتحكمين بالاقتصاد وسعر الصرف لا يؤتمن لهم، فكان من الممكن أن يقوموا بنوع من المضاربة خلال أيام، ما يعني احتمالية تكبد أصحاب مكاتب الصرافة لخسائر كبيرة.
أما خلال أيام رفع قيمة الدولار أي بداية شهر تشرين الأول ولغاية الـ14 من الشهر نفسه، فقد صُرف أكثر من المبالغ المعتادة، حيث تهافت الناس إلى صرف ما بحوزتهم من الدولارات وذلك ظنا منهم أنهم يربحون من هذا السعر، مع العلم أن أسعار كل شيء ترتفع بالتزامن مع ارتفاع الدولار، ولا يعود بعد انخفاضه.