الاقتتال بين فصائل المعارضة السورية ومصالح تركيا

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

إن الاقتتال بين الفصائل في الشمال السوري، لا يزال مستمرا إثر اغتيال الناشط “أبو غنوم” من قِبل فرقة “الحمزة”، فقد اتسعت رقعة القتال وزادت ضراوته مع تقدم “هيئة تحرير الشام” باتجاه مناطق “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، وفرض حصار على مدينة الباب ومناطق أخرى، وسط خريطة معقدة من العديد من الفصائل والتحالفات، ووسط كل ذلك لا تزال تركيا تراقب ما يجري دون أن تتدخل لإيقاف القتال، ما يدفع للتساؤل حول الأهداف التركية من عدم التدخل.

فاغتيال الناشط محمد عبد اللطيف “أبو غنوم”، كان بمثابة الشرارة التي أشعلت الفتيل الذي يتم الإعداد له منذ مدة ليست قصيرة، فالتحولات العسكرية في الشمال السوري على مدى الأيام الثلاثة الماضية لم تكن ردة فعل على عملية الاغتيال، بل هناك مخططات بدأت منذ حزيران الماضي عندما حدث اقتتال الفصائل في ذلك الوقت، تضمنت سيطرة “الهيئة” على مناطق “الجيش الوطني” الموالي لتركيا. 

خلال الأيام الماضية لم يحصل أي تدخل أو ضغط من تركيا لوقف القتال ولمنع “الهيئة” من السيطرة على مناطق “الجيش الوطني”، على الرغم من أن الأخير مدعوم من قبلها.

فتركيا من مصلحتها أن تكون هناك جهة واحدة وفاعلة تسيطر على المنطقة، خاصة إذا كانت هذه الجهة تمتلك انضباطية ومركزية بالعمل والخلل الموجود فيها وفي بنيتها أقل من غيرها، وهذا ما يمكنها من السيطرة عليها أكثر من العديد من الفصائل والتي في الأصل معظمها يعادي الآخر، وهذا ما وجدته تركيا بالهيئة.

فهيئة تحرير الشام قادرة على تلبية المصالح التركية في الشمال السوري خلال المرحلة القادمة، بشكل أكبر من الفصائل المتناحرة، فصمت الحكومة المؤقتة و الإئتلاف المعارض حول ما يجري، ما يشي برغبة تركية واضحة بما يحصل.

في الفترة الأخيرة بدأت العلاقات بين تركيا والنظام السوري بالتسارع بشكل لافت، وبرزت الرغبة في التقارب من خلال تصريحات المسؤولين الأتراك، بدءا من أردوغان، وصولا لوزير خارجيته، جاويش أوغلو، الذي أكد قبل أيام على أهمية التوصل لحل بين النظام السوري والمعارضة السورية.

فاقتتال الفصائل والمراقبة التركية دون أي تدخل بات يشير إلى أنه يصب بشكل أو بآخر في مصلحة التقارب التركي السوري.

فمن المعروف أن “هيئة تحرير الشام” كانت من المسارعين إلى فتح المعابر مع النظام السوري ، وهذا الأمر يصب في مصلحة تركيا ويساعد في تسريع فتح المعابر وإنعاش الحالة الاقتصادية في الشمال السوري، وتخفيف العبء الاقتصادي عن تركيا.

وبسيطرة “الهيئة” على الشمال سيكون هناك تنمية مدعومة تركيا، في حال أبدت “الهيئة” مرونة في التعامل مع النظام واستمرار فتح المعابر والسماح بالحركة والتبادل الاقتصادي بين مناطق الشمال، ومناطق سيطرة النظام السوري .

وتركيا تراقب ما يجري حتى الآن ولم تتدخل، ومن الواضح أنه من صالحها إذا لم تنهِ هذه الفصائل بعضها، فعلى الأقل ستضعف نفسها وبالتالي يصبح فرض الحل بين المعارضة والنظام  أسهل، وهذا ما تريده تركيا وأعلنت عنه بكل وضوح مؤخرا بتصريحات مسؤوليها وكان آخرها على لسان وزير خارجيتها، جاويش أوغلو.

وبذلك تكون فصائل المعارضة في أضعف حالاتها فهذا يعجل بالذهاب إلى طاولة الحوار بين المعارضة والنظام السوري ، خارج إطار جنيف والقرار الدولي 2254 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.