حكايا الحصاد وسعادة جني تعب السنة

تشهد حقول القمح حالة من النشاط وتغدو الأسر السورية في الريف بمختلف أفرادها وكأنها خلية نحل تعمل فى حلقات متصلة دون كلل أو ملل لحصاد القمح وهي المرحلة النهائية في مراحل زراعة المحصول الاستراتيجي والتى تتوج بفرحتهم أثناء حصاد نتاج جهدهم على مدار شهور فيجهز الفلاح أدواته للحصاد قبله بشهر تقريبًا فيتوجه إلي الأشخاص الذين يصنعون الحبال من ألياف النخيل ويوصيهم بالعدد الذي يحتاجه لتجهيزه له في الموعد المطلوب وبعدها تشرع السيدات في جمع شكائر الدقيق الفارغة لحكايتها في بعضها لتأخذ شكل الجوال الكبير ويطلق عليها اسم الشل التي يتم تعبئة قش القمح داخلها لإعداد الخبز اللازم لإطعام العاملون بالحقل فجميع أفراد المنزل يعملون طوال فترة الحصاد في مشهد كأنه عرس فأفضل المحاصيل هي التي يطعم منها الفقراء والمساكين وأهل السبيل فوقت جني المحصول يمر بالناس فيعطون الفقراء مما من الله عليهم ولذلك يطرح الله البركة في المحصول والله يضاعف لمن يشاء فيحرصون بألا يفوتهم يوم بدون عمل على الرغم من مشقة العمل تحت حرارة الشمس التي تأبي أن تترك ظهورهم قبل غروبها لكنهم يستقوون عليها ويتابعون عملهم متصبرين بترديد الأغاني والمواويل مع زملائهم و فور انتهاء العمل والعودة إلي المنزل يشعرون بالسعادة وسط أبناءهم لأنهم يكسبون قوت يومهم من عرق جبينهم وفي مشهد آخر يستيقظ أطفال صغار كل صباح لاتتجاوز أعمارهم العشر سنوات يأخذون وجبتهم المعتادة والمكونة من رغيف خبز التنور وقطعة من الجبن الفلاحي أو حبة بندور وخيار ليطوفون الحقول التي انتهى أصحابها من جني محصولها فيجمعون السنابل المتبقية على الأرض في شكارة صغيرة ثم يعودون عند غروب الشمس ففي نهاية الموسم يجمعون كمية من السنابل ويضعونها داخل أجولة كبيرة ويطرقونها بمطرقة لتصفية حبات القمح منها ثم يتوجهون إلى التاجر بالقرية ليبيعونها ويحصلون على بعض النقود التي تكفيهم لشراء ملابس جديدة وقضاء العيد بين الأصدقاء أو في الأعراس التي تكثر بعد أيام الحصاد ويشعرون بالفخر كونهم يعتمدون على أنفسهم في شراء احتياجاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.