تعتبر مسألة امتلاك بيت في مدينة دمشق وريفها بالنسبة لذوي الدخل المحدود والمتوسط قبل سنوات الحرب أشبه بحلم يمكن تحقيقه بعد سنوات من العناء بات الأمر حاليا مستحيلا وصعب المنال مع الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات بعد دمار ملايين المنازل خلال سنوات الحرب ونزوح أكثر من ربع سكان البلاد
ففي نيسان ٢٠٠٩ وضع تقرير نيوأوفس سبيس ريبوربت الدولي الذي يحدد المدن العشر الأكثر غلاء في أسعار المحال التجارية والمكاتب مدينة دمشق في مصاف أكثر ١٠ مدن غلاء في أسعار العقارات التجارية عالميا
فالتقرير ذكر حينها أن مدينة دمشق احتلت المرتبة الثامنة في أسعار العقارات التجارية عالميا مشيرا إلى أن سعر المتر المربع في دمشق يصل إلى٩٧٩ يورو وسطيا بما يعادل ٦٥ ألف ليرة سورية فاليورو كان حينها يساوي نحو ٦٥ ليرة.
فهونغ كونغ وفق التقرير احتلت المرتبة الأولى بين المدن الأكثر غلاء بأسعار العقارات التجارية بسعر ١٧٤٣ يورو للمتر المربع تلاها طوكيو بـ ١٦٤٩ للمتر المربع ومن ثم لندن بـ ١٤٠٣ يورو وأتت موسكو بالمرتبة الرابعة ثم مدينة دبي وبعدها بومباي بينما شغلت باريس المرتبة السابعة لتحتل دمشق المرتبة الثامنة وسنغافورة التاسعة بعدها ثم نيويورك المرتبة العاشرة.
فخلال تلك الفترة كان سعر منزل مساحته ١٠٠ متر مربع في مدينة دمشق ما بين أربعة إلى خمسة ملايين ليرة فالدولار حينها كان يساوي نحو ٥٠ ليرة بينما في مناطق العشوئيات المحيطة بالمدينة كان ما بين مليون ونصف ومليونين أي ما يوازي أجر الموظف السوري فقد كان ٣٠ ألف ليرة مرتب الموظف شهريا مدة ستة أعوام
فالعديد من ذوي الدخل المحدود في تلك الفترة كانوا يقضون ١٥ إلى ٢٠ عاما من التقشف والعيش على الكفاف حتى يتمكنوا في النهاية من شراء منزل في عشوائيات محيط العاصمة والتي توصف بأحزمة الفقر السرطانية
بيد أن الحرب التي شنها النظام السوري وما دمرته من منازل وما أفرزته من مناطق آمنة أو شبه آمنة زاد من ارتفاع الأسعار لتغدو أسعار المساكن في سورية قياساً بين العرض والدخول هي الأغلى عالمياً وربما دونما منازع
في إحصائية أصدرتها الاسكوا مؤخرا يتبين أن عدد المنازل المهدمة في سورية بلغ ٢.٥ مليون منزل منها ٣١٥ ألف منزل تعرض للدمار الكامل مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي و ٣٠٠ ألف منزل تعرض للتدمير الجزئي.
فالدراسة تذكر أن حلب تصدرت المناطق الأكثر تضرراً من جهة دمار المنازل بتدمير حوالي نصف منازلها ويقدر عددها بـ ٤٢٤ ألف منزل مدمر كلياً أو جزئياً تلتها
تلتها ريف دمشق بتدمير نصف منازلها أيضا وتقدر بـ ٣٠٣ آلاف منزل ثم حمص بتدمير حوالي ٢٠٠ ألف منزل فإدلب بتدمير حوالي ١٥٦ ألف منزل فدرعا بتدمير حوالي ١٠٥ آلاف منزل من ثم دير الزور بتدمير حوالي ٨٢ ألف منزل تلتها حماة بتدمير حوالي ٧٨ ألف منزل ومن ثم الرقة بتدمير حوالي ٥٩ ألف منزل فاللاذقية بتدمير حوالي ٥٧ ألف منزل فالحسكة بتدمير حوالي ٥٦ ألف منزل من ثم دمشق بتدمير حوالي ٣٧ ألف منزل وتلتها طرطوس بتدمير حوالي ١٢ ألف منزل ومن ثم السويداء بتدمير حوالي ٥ آلاف منزل وأخيراً القنيطرة بتدمير حوالي ٩٠٠ منزل.
مع تهدم تلك المنازل شهدت سورية حركة نزوح كبيرة وأشارت الدراسة نفسها إلى أن ما يقرب من ٧ مليون شخص تأثروا بالدمار وأن ٣ ملايين شخص اضطروا للنزوح وفقد مليون مواطن ممتلكاتهم بشكل كامل وسط توقعات بارتفاع هذه الأرقام مع استمرار المعارك
واندفاع النازحين إلى مناطق سيطرة النظام بسبب تمتعها بالأمان مقارنة بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات فيها بشكل تدريجي خصوصا مدينة دمشق التي وصل عدد السكان فيها إلى ما يقارب ثمانية ملايين شخص بعد أن كان نحو أربعة ملايين قبل الثورة.
ويصل سعر منزل مساحته ١٠٠ متر مربع في أحياء وسط دمشق المنظمة مثل أبو رمانة والمالكي اليوم نحو ٤٠٠ إلى ٥٠٠ مليون ليرة بعد أن كان قبل الحرب نحو ٥٠ مليون وفي المزة غرب العاصمة إلى أكثر من ١٥٠ مليون بعد أن كان ما بين ٢٠ إلى ٢٥ مليون بينما في منطقة الزاهرة جنوب العاصمة نحو ٥٠ مليون بعد أن كان خمسة ملايين.