من يشاهد صور بشار الأسد يعانق الأطفال وتقبّل زوجته أسماء وجنات آخرين ويلعبان معاً لعبة القفز بالحبل خلال زيارتهما لدار الأيتام وكأنهما الزوجان المثاليان اللذان يغمران بلدهما بالحب والعواطف الدافئة وليسا الثنائي المتوحش المسؤول ليس فقط عن جوانب الحياة السياسية والاقتصادية المظلمة في البلاد حالياً بل أيضاً عن فظائع دموية طوال العقد الماضي مع تبني النظام السوري للحل الأمني في وجه الحركة السلمية التي طالبت بالإصلاح السياسي والديموقراطية
ففي كل رمضان تقوم عائلة الأسد بحركات دعائية جديدة كزيارة الجنود في الجبهة وتناول الإفطار معهم أو زيارة الجرحى وعائلاتهم ويبدو أن الزيارة الأخيرة لدار الأيتام بدلاً من الدور المخصصة لرعاية أبناء الشهداء محاولة للقول أن الحرب انتهت وأن الحياة عادت لطبيعتها حيث تختفي المظاهر العسكرية مع التركيز على البعد الاجتماعي فقط ويصبح أولئك الأطفال مجرد أيتام من دون لاحقة أخرى كأيتام قتل أهلهم خلال سنوات الحرب السورية كي يظهر بشار وأسماء وكأنهما يهتمان بكافة فئات الشعب السوري بما في ذلك الطبقة الأكثر هشاشة في المجتمع وكأنه براء من دماء مليون سوري قتل تحت قصف طيرانه وأكثر من ٤٠٠ ألف غيبوا في معتقلاته
واليوم يطل علينا بزيارته وزوجته للكنائس ليكي يخرج بصورة الرجل المحب لجميع الطوائف متناسيا أنه السبب الرئيسي في دمار سوريا وشعبها
وتذكر هذه النوعية من الدعاية الأسدية بالدعاية الإسرائيلية التي يقدمها كل من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية يوآف مردخاي اللذين يستغلان المناسبات الدينية الإسلامية كعيد الفطر أو رمضان لتقديم مقاطع دعائية موجهة للعرب على أنهم مواطنون ضمن الدولة اليهودية بشكل يعاكس الحقيقة العنصرية للسياسات الإسرائيلية كما أن بشار تحديداً يستمد صورته اللطيفة من رئيس الوزراء الكندي جاستن برودو الذي بات قدوة في هذا النوع من الإطلالات مع اختلاف في نوعية الأغراض منها بطبيعة الحال فبشار يدعي عبر استلهام التجربتين بأنه رئيس كل السوريين في سوريا المستقبلية الموحدة مهما كانت ذلك القول منافياً لواقع العنصرية الأسدية ويمكن الدلالة على ذلك بزيارته و أسماء معاً أيضاً لكنيسة سيدة دمشق في سوريا بالتزامن مع أسبوع الآلام لدى الطائفة المسيحية
وهكذا تتكرر الصور التي يبسط فيها بشار رعايته الأبوية على الأطفال تماماً كأسماء التي تحاول الظهور كأم حنون في توازٍ مع الألقاب التي يطلقها الثنائي على نفسيهما وتكررت في الصفحات الموالية: الأب القائد للدولة والمجتمع وأم الكل أما ثيابهما البسيطة التي طغى عليها اللون الأزرق السماوي فهي محاولة متكررة لاستسناخ شخصية رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا الذي يوصف بأنه أفقر رئيس في العالم وحظي حتى نهاية حكمه العام ٢٠١٥ بإعجاب وتعاطف كبير في الشارع العربي ورئيسة وزراء نيوزلندا جاسيندا أردرن التي برزت في السنوات الأخيرة كنموذج معاصر لمعنى القيادة الحقيقية لجميع المواطنين من دون تمييز.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى