خلوف الأسمر ينتمي إلى عشيرة اللهيب المنتشرة في قرى دير الزور والبوكمال والحسكة والقامشلي وحلب ومن أسرة معروفة في دير الزور فأبوه أسمر العيسى كان من وجهاء ديرالزور ومشهود له بالحكمة وبالطرفة وكان من أكبر معمري المدينة حيث عاش ١٣٧ عاماً وخلوف كان أصغر أبنائه وسماه بهذا الاسم لأن أسمر فقد ابناً له سمي عطوان في حرب السفر برلك فسمى ابنه الجديد خلوف لأن الله أخلف به عليه وتوفي أسمر عام ١٩٣٥ وأورث مهنة العطارة لابنه
فخلوف لم يتسن له التعلم كحال الكثيرين من أبناء جيله لكنه تعلم أسرار العطارة تصنيعاً وتجارة وأتقن مهنة الطب العربي القائم على تركيب الأدوية بالأعشاب البرية حتى أصبح يأتي إليه الكثيرون ليأخذوا من علمه وكان أهالي الدير وأريافها يصفونه بالحكيم الطيب وذلك لحسن معاملته مع الآخرين وكان الديريون وكل من عرفه يشهدون له بالسماحة والطيبة والسمعة الطيبة بين الناس في الدير ومدنها وقراها كافة وحتى في تعاملاته التجارية النزيهة التي أورثها لأبنائه بسام وغسان استمر خلوف في مهنة أبيه بعد وفاته عام ١٩٣٥ واهتم بتوسيع وتطوير محله الكائن في شارع ستة الإ ربع الشهير وسط مدينة دير الزور لافتاً إلى أن بدايات العطار الديري المعروف كانت صعبة في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي حيث لم تكن هناك مواصلات إلا القليل منها بين دير الزور والمحافظات من أجل جلب المواد المستخدمة في مهنته وأغلبها محلية وما تجود به بادية دير الزور من أعشاب ونباتات برية
وخلوف بالإضافة إلى تجارته في مواد العطارة بشتى أنواعها ومسمياتها كان طبيباً عربياً يركب العديد من الأدوية لعلاج الأمراض المستعصية، مما جعل شهرته تملأ الآفاق
ومحل خلوف الأسمر كان قبلة للناس من كل مكان ومن النادر أن يمر العابر من أمامه دون أن يراه مزدحماً بالزبائن ممن ينتظرون دورهم للحصول على ما يحتاجونه مطمئنين إلى أسعاره المتهاودة وجودة ما يقدمه من جميع أصناف العطارة المعروفة وغير المعروفة علاوة على أن هذه المواد تكون طازجة أغلب الأحيان لأنه لا يحتاج لتخزينها كما بقية المحلات. وكان المنتجون وأصحاب المعامل بحسب قوله يتهافتون لوضع أسماء منتجاتهم على جدران المحل لأخذ نصيبهم من الشهرة في محل خلوف الأسمر
وتابع الأسمر أن عمه خلوف كان جزءاً من تراث دير الزور الاقتصادي والاجتماعي ومن لم يقف ويشتري من محله الصغير فقد خسر الكثير من المتعة لأن الوقوف والانتظار أمام محله كان يتيح للزبائن أن يشتموا روائح العطارة النافذة التي تصل ربما إلى مئات الأمتار ويتنشقوا عبق التاريخ وكان المحل يحوي في جنابته كل أنواع العطارة كالسماق والعصفر الكركم وإكليل الجبل والقرفة والعسل بجميع أنواعهما والزنجبيل والهيل والبزورات بأنواعها إضافة لمستحضرات كان خلوف يجهزها في غرفة خلف المحل كانت أشبه بمخبر الصيدلاني وتضم المدقات والجرون والميزان النحاسي حيث يتم من خلالها تحضير عقاقير شعبية لعلاج الأمراض الجلدية والعظمية وعقم النساء وضعف الرجال والحروق المختلفة والتهابات المفاصل وأمراض الصدر والربو وغيرها.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى