٣٠ آذار.. يوم بدأ الجيش في سوريا التدخل بالسياسة

يوم انقلب حسني الزعيم على سياسيي سوريا وتسلم العسكر مقاليد السلطة الفعلية في البلاد وهو أول تدخل للجيش في السياسة في المنطقة العربية وشكل بذلك سابقة أو مثالا يحتذى به على الصعيد العربي وكان الزعيم ضابطاً في الجيش السوري تخرج من الأكاديمية الحربية العثمانية في اسطنبول واشترك في الثورة العربية على الأتراك ثم التحق بالقوات الفرنسية الخاصة وحارب مع قوات فيشي في سوريا إبان الحرب العالمية الثانية وقبض عليه عقب انتصار الحلفاء وقدم للمحاكمة وحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات العام ١٩٤٢ ثم أطلق سراحه عقب نهاية الحرب العالمية الثانية من قبل القوتلي ليعيده إلى الجندية كضابط في الجيش الوطني السوري المتشكل حديثاً
وبالنسبة لانقلابه كانت هناك مجموعة من الظروف السياسية  التاريخية العربية والدولية أحاطت بهذا الانقلاب العسكري يمكن تصنيفها على النحو التالي أن من أهم الأسباب التي دفعت بالجيش للقيام بانقلابات عسكرية هي الهزيمة العسكرية للجيوش العربية في حرب فلسطين العام ١٩٤٨ وخيانة السلطات الإقطاعية والبرجوازية في ذلك الوقت وعدم تهيئتها ودعمها للجيش
فالجيوش العربية كانت آنذاك بقايا جيوش تفتقر إلى خبرة قتالية مناسبة فضلاً عن أن معنوياتها لم تكن عالية وفساد ضباطها كان ظاهرة ملفتة ناهيك عن ارتهانها للغرب بخاصة انكلترا في ما يتعلق بالسلاح والذخيرة
وقد ولدت الهزيمة العربية في ظل سيادة حالة مزرية من التفسخ والفساد والإنحلال تعيشها الطبقة السياسية الحاكمة في العديد من البلدان العربية مثل سوريا ومصر والأردن والعراق وكانت اللعبة السياسية والدستورية التي تمارسها هذه الطبقة السياسية لا تزال في أبعادها التقليدية فضلاً عن أن سيادة أعضاء الحكومة ولهذا السبب لقي انقلاب حسني الزعيم كل ترحيب من عامة الشعب باعتباره فاتحاً لعهد جديد في الحياة السياسية السورية وقد أعلن فارس الخوري السياسي السوري أن الانقلاب قد كفل للرجال الخيرين عصراً من الاستقرار الدائم طالما تاقوا إليه يقوم على مبادئ العدالة والعمل الطيب مع الدعم الشعبي للحكومة والأمل يملأ فؤادي أن الزعيم سيتقدم بحزم وسلام حتى يقيم حياة دستورية وحكماً جمهورياً يتفق وإرادة الأمة
ففي صباح يوم الأربعاء ٣٠ آذار ١٩٤٩ فوجئ سكان دمشق بمظاهر عسكرية غير مألوفة ففي الساحات العامة رابطت بعض الوحدات وعلى مداخل البرلمان ورئاسة الوزراء ومديرية الشرطة تواجدت ظن الناس للوهلة الأولى أن هذه الإجراءات تتعلق بقضية محاكمة المقدم في الجيش السوري فؤاد مردم بك وتوجيه التهمة إليه لعلاقته بشبكة تجسس صهيونية وقيامه بأعمال تسببت في وصول سلاح اشترته وزارة الدفاع السورية وبدلاً من وصوله إلى سوريا فإنه وصل بمعرفته إلى تل أبيب وادعى بأن المركب الذي ينقل السلاح غرق في مياه اليونان وفي حينه كانت مثل هذه القضايا مثيرة جداً وذات تأثير بالغ في نفوس المواطنين الذين يعتبرون قضية فلسطين الأولى والأخيرة
فكان هذا الانقلاب البذرة الأولى التي مهدت لسيطرة العسكر على سياسة البلاد واعتبر حسني الزعيم الأب الروحي لحافظ أسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.