هناك عدد متزايد من الدول العربية بدأ مؤخرًا في إحياء العلاقات مع النظام السوري بعد عشر سنوات من الصراع والمحاولات الفاشلة للإطاحة بـبشار الأسد الذي استعان بكل القوى الظلامية للإجهاز على ماتبقى من الثورة ومع خروج نظامه ببطء من العزلة تريد الأنظمة والجهات الفاعلة غير الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إبراز نجاح الأسد كدليل على أن القوة خيار صالح للغاية لقمع التهديدات.
ومن بين جميع ثورات الربيع العربي التي بدأت في عام ٢٠١١ بدا نظام الأسد الأكثر استعدادًا لتغيير الطريقة التي تحكم المنطقة بها نفسها وبخلاف البلدان الأخرى التي شهدت احتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة خلال ذلك الوقت كمصر وتونس كانت سوريا الدولة الأمنية العربية التي تحكمها المخابرات وكان ينظر إلى دمشق على نطاق واسع على أنها دليل على التحول بعد عقود من إعادة التنظيم الداخلي واختبارات الولاء التي ابتكرتها عائلة الأسد الحاكمة.
فقد بدت حكومة النظام السوري محصنة ضد الضغط الشعبي ناهيك عن التمرد لأنها تستطيع استخدام القوة كما تريد ولو نجح الربيع العربي في قلب هذه المعادلة لفقدت الدولة البوليسية مصداقيتها وكذلك الاستبداد الإقليمي بشكل عام
ومع ذلك تحولت اضطرابات الربيع العربي في سوريا إلى سنوات من الصراع المسلح والحرب الأهلية وعندما بدأت القوات الجوية الروسية والميليشيات المدعومة من إيران في تغيير الواقع العسكري لصالح الأسد بعد عام ٢٠١٥ظهر علم جديد وهو: يمكن الفوز بمثل هذه الحرب الأهلية الوحشية وبإمكان النهج المتشدد إزاء الاضطرابات أن ينتج نصرًا وإن كان مكلفًا.
وتشير الدراسة لإعادة الإعمار في سوريا أن التكلفة لا تقل عن ٥٠٠ مليار دولار وهوأكثر من ٩ أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قبل الحرب البالغ ٦٥ مليار دولار في عام ٢٠١٠ فالنظام السوري سيحتاج إلى كميات هائلة من المساعدات لإعادة بناء الدولة الممزقة لكن العقوبات الأمريكية والأوروبية بدت وكأنها ستعيق إعادة الإعمار إلى الأبد مما يجعل نظام الأسد مع مشهد سوداوي حيث تحصل المدن المتضررة على ساعات قليلة فقط من الكهرباء في اليوم وحتى أنصار النظام يسعون للحصول على الوقود والأدوية بصعوبة.
ومع ذلك حتى هذا الافتراض يبدو الآن موضع شك فقد بدأت الإمارات والأردن ومصر والبحرين تطبيع العلاقات مع سوريا بشكل نشط في الأسابيع الأخيرة بالرغم من قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على الدول والجهات التي تتعاون مع نظام الأسد فبالأمس تقوم الإمارات باستقبال رئيس النظام السوري بحفاوة لن تكون لأحد مثله فقد تم الإحتفال به وكأنه محرر القدس والجولان متناسين أن هذا النظام لم يترك سلاح إلا وقصف به الأبرياء ولم يترك فعلا مخزيا إلا وعمل به ولم يترك دولة مجرمة ولا ميليشيات إلا وجلبها إلى سوريا ومتناسين أن أكبر حليف لنظام الأسد هو إيران التي لاتزال تحتل جزر الإمارات.