الثورة السورية وكسر حاجز الخوف

كانت بداية الحراك الشعبي السوري في ١٥ آذار من عام ٢٠١١ طالب الشعب السوري  بالحرية والكرامة وأخذ هذا الحراك طابعا جماهيريا سرعان ما شمل جميع  الجغرافيا السورية  خلال مدة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر لكن النظام السوري الاستبدادي قابل الحراك الشعبي السلمي بالقمع والقتل والاعتقال والتعذيب الإجرامي 

بدأت شرارة الثورة السورية إثر أحداث مدينة درعا عندما قام أمن النظام بقيادة المجرم عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد باعتقال خمسة عشر طفلاً وتعذيبهم بطريقة وحشية همجية بسبب كتابة شعارات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام على جدار مدرستهم كان ذلك بتاريخ ٢٦ شباط ٢٠١١

واستمرت الثورية السورية في نهجها السلمي الجماهيري ما يزيد على العام إلى حين قيام النظام بدفعها وتحويلها إلى العسكرة وجرها نحو العنف والسلاح من خلال إنزاله لجيشه لوقف التظاهرات وحصار المدن حيث رفض عدد كبير من ضباط الجيش وجنوده تصويب أسلحتهم على أهلهم فبدأت الانشقاقات التي أدت إلى تأسيس الجيش الحر فقام النظام بإطلاقه سراح أعضاء الحركة السلفية المعتقلين في سجن صيدنايا ليقوم هؤلاء بتأسيس حركة مقاومة اتخذت طابعا أيدلوجيا دينيا رفعت شعارات تراثية إسلامية معلنين رفضهم للديمقراطية ولدولة المدنية. 

قابل نظام الأسد كل النصائح العقلانية من الدول العربية التي طالبته للاستجابة لمطالب الشعب ولو بشكل تدريجي لكنه اختار السير مع اقتراحات إيران حيث أشارت عليه وجعلته يغرق الساحة بالمتطرفين لكي يقدم الدليل على أن  حوداث سوريا هي حركة تمرد تريد خراب البلد. 

في هذه الفترة دعت بعض الدول إلى دعم الشعب السوري في ثورته فمنهم من وقف إلى صف نظام الأسد كإيران وحزب الله 

فقد كانت طهران تزود نظام الأسد بمعدات لمكافحة الشغب وتكنولوجيا لمراقبة الإنترنت إضافة إلى تقديمها المشورة حول كيفية التعامل مع المظاهرات وذلك بناء على نجاحها في سحق الحركة الخضراء التي شهدتها إيران، لكن في عام ٢٠١٢ ساعد رد النظام العنيف على الاحتجاجات السلمية إلى إشعال حرب دامية كان الأسد يخسرها وبناء على ذلك ضغطت إيران على حزب الله كي ينضم إلى القتال ونشرت مقاتلين من جنودها التابعة لـفيلق الحرس الثوري الإيراني  لتقديم الدعم للنظام السوري رغم أن بعضهم كان متورطاً في القتال تقريباً منذ البداية كما وأشرفت طهران على نشر مقاتلين من الميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وباكستان في سوريا. 

ورغم كل ذلك أصبح النظام على وشك السقوط لولا تدخل روسيا. 

قررت روسيا التدخل عسكرياً لصالح النظام في سوريا في أيلول ٢٠١٥ عندما كانت اليد العليا في مناطق سيطرة النظام للميليشيات التي اعتمدتها إيران من أجل تثبيت قواها العسكرية على الأرض فانتشرت مجموعات قتال خاصة تابعة لرجال الأعمال وميليشيات ذات طابع ديني مرتبط بإيران من خلال الحجاج الإيرانيين وهم بالأساس ضباط الحرس الثوري الإيراني وتغاضى النظام عن المتخلفين عن الخدمة العسكريّة بشرط انضمامهم لأي من هذه الميليشيات و تجنب الاصطدام معها رغم ازدياد عمليات الخطف والسرقة بالإضافة إلى ذلك ركزت إيران على الجانب المدني ودعمت حركات التشيع في جميع البيئات والأوساط في الساحل السوري ودمشق والسويداء وأمعنت في ربط الفعاليات الاقتصادية والثقافية والسياسية في هذه المناطق بمشروعها وستتناول الورقة طبيعة علاقة الروس بهذه الميليشيات على الحياد فبدأت روسيا بقصف المدن المحررة والتنكيل بأهلها وسجلت مجازر عديدة في مختلف المدن بسبب القصف الهمجي. 

ومنح النظام قاعدة حميميم لروسيا لتكون قاعدة لروسيا و قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس تستوعب سفناً حربية كبيرة وصادق البرلمان الروسي في عام ٢٠١٧ على اتفاق لترسيخ وجود روسيا في سورية ولتمهيد الطريق أمام وجود عسكري دائم في قواعد بحرية وجوية هناك وتنص هذه الاتفاقية بإقامة مركز لوجستي للمعدات الفنية للأسطول الروسي في طرطوس لمدة ٤٩ عاماً وتم الاتفاق على قيام روسيا بتوسيع وتحديث إمكانات الميناء لتقديم خدمات وتسهيلات لأسطولها البحري ليكون قادراً على استقبال حاملات الطائرات والغواصات النووية وكانت تركيا تدعم مناطق الشمال السوري وإدلب وماحولها وتمكنت مع الفصائل التابعة لها من السيطرة على تل ابيض وعفرين ورأس العين مما أدى إلى نزوح الكثير من السكان وكانت قد دخلت قوات التحالف على الخط للقضاء على تواجد تنظيم الدولة ” د ا ع ش” بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية وتمت هزيمة التنظيم والقضاء عليه لكن كل ذلك لاينفي تواجد خلاياه النائمة التي تقوم ببعض العمليات بين الفينة والأخرى كان آخرها سيطرة التنظيم على سجن الصناعة في الحسكة حيث استمرت المعارك ١٠ أيام انتهت بالقضاء على المهاجمين وتحرير السجن. 

وبعد مرور سنوات على انطلاق الثورة السورية التي كان قد حولها النظام إلى حرب عنيفة حيث حصدت هذه الحرب في السنوات الـ ١١ أرواح قرابة ٤٥٠ ألف شخص وإصابة أكثر من مليوني شخص  وتسببت بتهجير ونزوح ١٣ مليون من السوريين هذا عدا عن المعاناة التي يعانيها أهل البلد من تشرد وجوع وغلاء معيشة أثقلت كاهلهم وحطمت أحلامهم بوطن آمن رغيد

ولا يزال الشعب السوري ينتظر بارقة أمل للخروج من هذا النفق المظلم الذي أدخلهم النظام به.

إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى

تحرير: حلا مشوح 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.