يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، د. حسين الديك، أن البيان الأخير للرئاسة الفلسطينية، الذي حذر من المشاريع المشبوهة وإقامة دولة صغيرة في قطاع غزة، جاء في وقته المناسب وتميز بالوضوح والقوة.
فهذا البيان تناول القضايا الأساسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وحذر من الطروحات والمشاريع التي قد تظهر في الفترة المقبلة، خاصة تلك التي تتساوق مع أجندة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.
إذ جاء بيان الرئاسة الفلسطينية ليؤكد على رفض أي مشاريع تهدف إلى تقليص الحقوق الفلسطينية أو تقسيم القضية الفلسطينية، فهذه المشاريع قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية على مستقبل القضية، فالبيان كان قويًا ومؤثرًا، وتناول ما يتم إعداده من قبل الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، والذي قد يشكل تهديدًا مباشرًا للوحدة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
من جانب اخر تأتي تصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، حول قبول الحركة بدولة على حدود عام 1967، وأن هذه الفكرة ليست جديدة، بل تم التأكيد عليها منذ إعلان وثيقة حماس في عام 2017، والتي كانت موجهة باللغة الإنجليزية للجمهور الدولي.
لقد كان دخول حماس الانتخابات التشريعية في عام 2006 كان بمثابة قبول ضمني بفكرة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، لكن إعادة التأكيد على هذا الموقف اليوم يأتي في إطار حسابات سياسية تهدف إلى تحسين صورة الحركة دوليًا.
من الواضح أن حركة حماس تسعى من خلال هذه التصريحات إلى تحقيق قبول أكبر في المجتمع الدولي، خاصة في ظل التعاطف الذي لاقته القضية الفلسطينية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023.
ومع ذلك، فهناك عقبات كبيرة تواجه حماس في طريقها نحو القبول الدولي، خاصة في ظل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على الدول الأوروبية لعدم التعاطي مع الحركة.
ومع ذلك، فان قطاع غزة يوضع حاليًا أمام تحديات كبيرة، خاصة في ظل الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير.
وفي الواقع فان عملية إعادة إعمار القطاع تتطلب موافقة دولية وتمويلًا كبيرًا، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.
ومن الواضح أن الدول العربية وخاصة الدول الخليجية، بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي، لن تقدم على مشاريع إعادة الإعمار دون موافقة دولية، مما يضع حماس أمام تحديات كبيرة في إدارة الأوضاع اليومية للقطاع، بما في ذلك توفير السكن والخدمات الأساسية للمواطنين.
فموضوع اعاظة الاعمار يتطلب قرارات سياسية دولية، وهو ما يجعل الوضع في غزة مرتبطًا بشكل وثيق بالموقف الأمريكي.
وفيما يتعلق بالشراكة السياسية بين الفصائل الفلسطينية، فأن الوضع الحالي لا يزال بعيدًا عن تحقيق تفاهمات حقيقية بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ومازال هناك العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق شراكة سياسية فعلية، رغم كل المحاولات واللقاءات التي جرت في الجزائر والقاهرة وبكين.
أن العدوان الإسرائيلي على غزة زاد من تعقيد الوضع، حيث أصبحت عملية إعادة الإعمار مرتبطة بموافقة دولية، وهو ما يجعل أي خطوة نحو الشراكة السياسية تتطلب تنسيقًا دوليًا.
ويرى الديك أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تحاولان استخدام الضغوط الاقتصادية والسياسية لتحقيق مكاسب لم تتحقق خلال الحرب، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في فلسطين.
ومن هنا فأن تصريحات موسى أبو مرزوق تكتيكية أكثر من كونها استراتيجية، و تأتي في إطار محاولة حماس للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه قطاع غزة، حيث يواجه المواطنون معاناة كبيرة جراء الدمار والحصار.
ان الخروج من هذه الأزمة يتطلب قرارًا سياسيًا دوليًا، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون موافقة الولايات المتحدة.
ولا شك أن واشنطن وتل أبيب قد تحاولان رفض أي دعوات لإعادة إعمار غزة أو التعامل مع حماس، لكنهما في الوقت نفسه قد يلجأان إلى المساومات لتحقيق أهدافهما السياسية.
وفي واقع الأمر فأن استمرار الحصار وعدم السماح بإعادة الإعمار سيؤدي إلى استمرار المعاناة في غزة، مما يضع حماس أمام تحديات كبيرة في إدارة الأوضاع اليومية للقطاع.
وهذا يشير الى أن الوضع في غزة يبقى مرتبطًا بشكل وثيق بالقرارات السياسية الدولية، وأن أي حل حقيقي للأزمة يتطلب موافقة دولية، وهو ما يجعل مستقبل القطاع مرهونًا بموقف الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.