انطلقت في جدة بالمملكة السعودية، اليوم الجمعة، أعمال القمة العربية الثانية والثلاثين، بحضور رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد غيابه أكثر من عقد عن اجتماعات القمة

السعودية – مروان مجيد الشيخ عيسى

انطلقت في جدة بالمملكة السعودية، اليوم الجمعة، أعمال القمة العربية الثانية والثلاثين، بحضور رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد غيابه أكثر من عقد عن اجتماعات القمة.

وأكد الزعماء المشاركون في أعمال القمة العربية في جدة على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك ورحبوا بعودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية ومشاركة بشار الأسد في هذه القمة،متناسين جرائمه بحق الشعب السوري، وإغراق بلدانهم بالكبتاغون والمخدرات.

فلو نظرنا نحو هذه المنظمة التي لم تنفع العرب منذ أن أنشئت فبعد مرور عقود على تأسيسها، كان من المفترض أن تتحول جامعة الدول العربية إلى آلية فعالة وجهاز مؤسسي مؤثر، لبلورة تصور متكامل لتحقيق النهضة والتنمية المنشودتين، وإرساء استراتيجية شاملة ومنسجمة بأهداف محددة وقابلة للتنفيذ في مجالات عدة.

وهي التي تعد من أقدم المنظمات الإقليمية، حيث رأت النور مع نهاية الحرب الكونية الثانية، في وقت كانت فيه معظم الدول العربية تحت الاحتلالات، البريطاني والفرنسي والإيطالي بشكل خاص، وهذا ما عزّز الثقة في هذه المنظمة لتلعب دورا تاريخيا وطليعيا في الوقوف إلى جانب الدول المحتلة، والتعجيل باستقلالها.

علاوة على أن وجود الجامعة، في حد ذاته، شكل بؤرة أمل، لكونها وجدت أساسا لتعزيز إرادة الدول الأعضاء في تحقيق أهداف مشتركة، تتجسّد في تعزيز التعاون وتقوية العلاقات بين الدول التي تمثلها، وتوفير شروط العيش مع بعضها بعضا في إطار السلم والأمن وصيانة استقلالها، والتخلص من الهيمنة الاستعمارية، وردّ التهديدات الخارجية، والعمل على منع نشوب النزاعات الداخلية، بل كان سقف الطموحات عاليا، عندما حدد حلم تحقيق الوحدة العربية والاندماج هدفا استراتيجيا، نظرا إلى ما يوجد بين الدول العربية من قواسم مشتركة، تطاول كل الميادين، وتجعل ترجمة شعار الوحدة إلى حقيقة مرتبطا في المحل الأول بقرار سياسي، وبإرادة جلية موجودة فعليا لدى النظام السياسي العربي الرسمي.

على الرغم من كل هذه العقود من الممارسة والتنظير والتشخيص والتوصيف، وعلى الرغم من التجربة والخبرة التي راكمتها جامعة الدول العربية في شتى القطاعات، وعلى الرغم من عشرات القمم التي عقدتها في سياقاتٍ تاريخيةٍ وأزمنةٍ لم تخل من توترات وصراعات وحساسيات وتشنجات، خصوصا بعد اجتياح العراق دولة الكويت صيف 1990.

وعلى الرغم من مئات القرارات التي أنتجتها هذه القمم، فإن المنظمة العربية الإقليمية لم تنجح في إيجاد أو تأمين بيئة ملائمة، لتعزيز ثقافة الوحدة وتحويلها إلى نتائج ومشاريع على الأرض، تستفيد منها الشعوب العربية. كما أن الجامعة وجدت نفسها متجاوزة من مجتمعات عربية كثيرة من المفروض أنها الجامعة تتحدث باسمها، وتنوب عنها في التعبير عن تطلعاتها إلى الديمقراطية والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة الحقة، فقد صار من المسلّمات أن المرحلة التي تعيشها المنطقة العربية تتسم بجملة تحولات كارثية، وبتصدّعات وشروخات غير مسبوقة في العلاقات البينية.

وهذا المشهد الموغل في السلبية والعبثية، شجعت عليه جملة اختيارات وتوجهات، تبنّتها الجامعة، بسبب وقوعها في فخ سياسة المحاور والتجاذبات والاصطفافات التي لم تفرزها عوامل موضوعية وداخلية، راجعة إلى صراع طبيعي وصحي، يهدف إلى تطوير الجامعة وتحسين أدائها وعقلنة إدارتها، بل تحكّمت فيها عوامل وعناصر خارجية، مرتبطة بقوى دولية وإقليمية، لها أجندة معينة ومصالح استراتيجية.

متناسية آمال الشعوب العربية وتطلعاتها ،بل على العكس كانت هذه المنظمة أكبر عامل من عوامل التناحر العربي والتفكك المستمر ،فجميع القضايا التي كانت محور اجتماعاتها بدء من القضية الفلسطينية إلى العراق واليمن وليبيا ولبنان ،لتكون خاتمتها القضية السورية، التي كان ختامها دعوة رئيس النظام السوري إلى الجامعة العربية، ليعن من خلالها انتصار حلفه مع إيران على العرب مجتمعين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.