“المرصد السوري لحقوق الإنسان”… مرصد الرجل الواحد بين الجدل والاتهامات
(رويترز) – في شقة صغيرة بمدينة كوفنتري البريطانية، وعلى بعد ساعة ونصف من لندن، يدير رجل واحد ما يعرف عالميًا باسم “المرصد السوري لحقوق الإنسان”. رغم مكانته كأحد المصادر الرئيسية للأخبار المتعلقة بسوريا، فإن إدارته تعتمد بشكل شبه كامل على شخص واحد، هو رامي عبد الرحمن، الذي يتابع الأحداث من خلال جهاز كمبيوتر محمول وهاتف نقال، بينما يعمل في متجر صغير لبيع الملابس خلال النهار.
بداية الخلاف وانشقاق زميله
تعرف الطبيب السوري المقيم في بريطانيا مصعب عزاوي على عبد الرحمن وعرض المساعدة في إدارة المرصد، لكن سرعان ما نشب خلاف بينهما، ما دفع عزاوي إلى مغادرة ما وصفه بـ “مرصد الرجل الواحد”، وتأسيس مرصد منافس. وفي مقابلة مع رويترز، أشار عزاوي إلى أن المرصد لم يكن “آمنًا”، متهمًا إياه بتسريب معلومات بمقابل مادي، ما قد يعرّض المدنيين في سوريا للخطر.
اتهامات حول هوية مدير المرصد وعلاقاته السابقة
كشف عزاوي عن الاسم الحقيقي لعبد الرحمن، مشيرًا إلى أنه أسامة سليمان، واتهمه بوجود صلات قديمة مع رفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد، قبل اندلاع الثورة السورية. ورد عبد الرحمن على هذه الادعاءات عبر مقابلة مع قناة “الحوار” اللندنية، حيث نفى المزاعم واعترف باسمه الحقيقي.
موقف المرصد من التدخل الغربي في سوريا
في عام 2012، قاد عبد الرحمن حملة عبر المرصد ضد التدخل الغربي في سوريا، مؤكدًا:
“حتى لو قتلوا عائلتي في سوريا، لن أطالب بتدخل الناتو”.
كما التقى بعدد من الدبلوماسيين البريطانيين للضغط ضد أي تدخل عسكري، مشددًا على رغبته في تحقيق الديمقراطية دون تدمير بلاده.
مصادر تمويل المرصد… بين النفي والتقارير الإعلامية
ينفي عبد الرحمن تلقي أي تمويل من جهات سياسية، مؤكدًا أنه يدير المرصد بمفرده وبإمكانيات بسيطة. لكن صحيفة “لوموند” الفرنسية ذكرت أنه في بداية الثورة عام 2012، حصل المرصد على تمويل خليجي لدعم جماعات إسلامية، لكنه فقده لاحقًا لأسباب مجهولة. ومنذ 2013، بدأ المرصد في تلقي منح مالية من الاتحاد الأوروبي.
رأي الباحثين في أداء المرصد
وفقًا للباحث الفرنسي فابريس بالانش، فقد كان المرصد في 2012 “بوقًا للجماعات الإسلامية”، لكنه لاحقًا أصبح أكثر توازنًا في تقاريره، رغم استمرار بعض التحيزات، بحسب رأيه.
علاقة المرصد بالقنوات الإخبارية
كان المرصد السوري لحقوق الإنسان مصدرًا رئيسيًا للأخبار حول سوريا في وسائل الإعلام العربية والغربية. ولكن مع مرور الوقت، تراجعت مكانته بسبب ضعف مصداقيته واعتماده على شخص واحد. ومع تحسن قدرة القنوات الإخبارية على إرسال مراسليها إلى داخل سوريا، لم يعد الاعتماد على المرصد ضروريًا كما كان في السابق.
اتهامات بالتحيز في تغطية أحداث الساحل السوري
واجه عبد الرحمن انتقادات من ناشطين سوريين بسبب تغطيته للأحداث في الساحل السوري، حيث زُعم أنه حصر اللوم على الحكومة السورية، متجاهلًا تقارير عن قيام قوات موالية للنظام بقتل ودفن عناصر أمنية سورية في مقابر جماعية.
غضب شعبي وتراجع في التأثير الإعلامي
مؤخرًا، ظهر عبد الرحمن على قناة “فرانس 24” متهمًا “دولة خليجية” لم يسمها، بدعم حملة ضده على وسائل التواصل الاجتماعي. ويأتي هذا بعد تراجع استضافته في القنوات الإخبارية، بسبب الغضب الشعبي من تقاريره، التي وصفها ناشطون بأنها “متحيزة ضد سوريا الجديدة”.
ومع توفر فرص التغطية الميدانية في سوريا للقنوات العالمية، يبدو أن دور “مرصد الرجل الواحد” في صياغة الأخبار حول سوريا قد بدأ في التراجع.