حين كانت سعاد خانم تقوم بعزيمة نسوان الحارة إلى بيتها من أجل الجلسات ، لم تكن زوجة الإدعشري منهم .
معتز وعصام وبشير وابراهيم وعبدو (ابناء الأثرياء وعمالهم) كانوا دائما يتحركون معا ويمشون معا كالأصدقاء الأوفياء، لكن لا أحد منهم كان صديقا لأولاد الإدعشري ، رغم أننا سنرى كيف أن صبحي كان من خيرة أولاد الشام ، والفرق الوحيد بينه وبين معتز وعصام وبشير وابراهيم أنه لا يملك مال يرثه من أبيه .
بشير الفرّان قام بتشغيل سمعو عنده ، لكن قبل ذلك لا أحد حاول أن يجد شغلا لأولاد الإدعشري ..
أم زكي لم تكن تدخل دار الإدعشري ، ولم تبحث لبنته عن زوج مرموق .. وحتى أبو عصام حين أراد تزويج ابنه الأكبر عصام زوجه لبنت أخ الزعيم (الحسب والجاهة و المال) ولم يفكر نهائيا لا هو ولا زوجته في بنت الإدعشري .
ما يجب أن نتعلمه من باب الحارة ليس أن ” اللي يحلف يمين كاذب يا ويلو من الله ” فحسب ..
بل ايضا يجب أن نتعلم أن الذي يقصي الفقراء ، ويعاملهم على أنهم فئة هامشية منسية أيضا يا ويلو من الله ، أن الذي يبات شبعان وجاره جائع ياويلو من الله ، أن الذي ينام على الريش وجاره على الحصى يا ويلو من الله ، هذه لم يكتبوها في السيناريو للأسف ،
50 ذهبة عصملية ، ذهبة تنطح ذهبة للطبل أبو ابراهيم الذي لديه إبن واحد فقط ولديه بيت من أفخم بيوت الحارة ، لو تصدق بخمسها فقط ، 10 ذهبات إلى الإدعشري ، هل كان سيموت جوعا أو تنتكس تجارته ؟ هل تعرفون ماذا يمكن أن تفعل عشر ذهبات بالإدعشري وعائلته ، كانت سترفعه لمستوى ثانٍ فيصلح بيته ويشتري عفشا ويفتح دكانا جديدا في الحارة ويكسب رزقه من الحلال ولا يفكر في السرقة نهائيا.
دعك من ذلك ،
رجال الحارة كلهم تبرعوا لأبو ابراهيم وساعدوه وأعطوه مالا كبيرا كتعويض بعد السرقة، كانوا يستطيعون إذن توفير المال لجارهم الإدعشري قبل أن يضطر لأخذه بالسرقة وهو الذي كان يعيش في اسوء بيوت الحارة ، هذا البيت الذي سنشاهد كيف سيكون ذخرا للحارة في وقت المحنة حين يدفنون في حوشه شهداءهم ويحفرون منه نفقا لكي يجلبون به المؤن والأكل ..
هذا الكلام كله لا يبرر جريمة الإدعشري بكل تأكيد ، ولكن الله عز وجل الذي يحاسب السارق ليس غافلا أبدا عن الذين سيكونون سببا في انتشار كل هذا الفساد .. عصام في الجزء الثاني اقترف جريمة نكراء بمقاييس ذلك الزمن ، دخل لبيت لا يوجد فيه رجال ولا أحد يظمن ما يمكن أن يحدث ، حين اعتقلوه دفع خاله أبو شهاب مالا طاحنا من أجل إخراجه من الحبس واستقباله استقبال الأبطال ..
بينما الإدعشري وأولاده يحملون تهمة الجريمة حتى لو لم يكونوا مجرمين ، ستقول لي بسبب الماضي الاسود للأدعشري ؟ وسأقول لك هذه مشكلة أخرى لمجتمعنا ، لا يسمح للعاصي بأن يتوب ، يذكره دائما بماضيه ، بل ويورثون التهمة له أبا عن جد ..
فلنتخيل إذن أن عصام تزوج بنت الإدعشري ،
هل كان سيضطر لارتكاب ذلك الجرم ليدفع خاله ابو شهاب كل تلك الرشوة الضخمة لإخراجه من الحبس ؟
من الأحسن أخلاقا يا ترى ؟ زوجة الإدعشري وبنته أم لطفية وأمها فريال ؟
قصة الإدعشري وحارة الضبع تحدث كل يوم أمامنا .. وما يحز في نفسي ،، أنه لا ينتبه لها أحد.
إعداد: محمد العبدالله
تحرير: حلا مشوح