مباحثات أستانه والخاسر الأكبر…..

BAZ_NEWS- مقالة ورأي
الكاتب السوري: محمد علي

بعد مضي ما يقرب من 4 سنوات و نصف تقريبًا على انطلاق الجولة الأولى من مسار أستانة بين المعارضة والنظام في سوريا، برعاية وضمانة كل من روسيا وتركيا وإيران. شهد المسار الذي تم تأسيسه من أجل إيجاد حل سياسي وإنهاء الصراع في سوريا،

وبعد خمسة عشرة جولةً من المحادثات حتى الآن تخللها الكثير من اللقاءات والقليل من التقدم. على درب المسار، ثم عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، في يناير/كانون الثاني من العام 2018، وتعهد الدول الضامنة بضرورة التوصل إلى حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254(1) لم يحقق خرقًا كبيرًا في هذ المجال حتى الآن .

‏لكن يبدو أن الدول الضامنة لمحادثات أستانا والتي أسست مسار أستانة من أجل سوريا حولته إلى منصة للتباحث فيما بينها، أو للتباحث مع دول أخرى، وبحسابات تتجاوز سوريا.بمعنى أنها أصبحت منصة لتقاسم النفوذ والأطلاع على الأرض السورية على حساب الشعب السورية وثورته وشهدائه ومعتقليه. فلكل طرف من الأطراف الضامنه يحاول أن يقتطع أكبر قطعة مما يظن أنها حقه من “الكعكة” السورية الممزوجة بدماء مئات ألاف الشهداء.

أهداف روسيا من مباحثات أستانه.

. تسعى روسيا إلى تعزيز سيطرة الأسد وبسط نفوذها في سوريا من خلال استثمار التقدم العسكري الذي حققته وتحويله إلى منجز سياسي، وإعادة تعويم النظام السوري عبر إيجاد معارضة كرتونية تشبه المعارضة الروسية لبوتين في روسيا، خاصة بعد علم روسيا بعدم ممانعة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في بقائة في السلطة،أضافة إلى إلى تعزيز دور روسيا العسكري عبر إنشاء قواعد عسكرية دائمة في سوريا لربط مناطق نفوذها المتنامي في ليبيا وأفريقيا عبر تلك القواعد والمطارات العسكرية وأهمها قاعدة حميميم العسكرية، ناهيك عن أطماع روسيا الاقتصادية، فقط استطاعت الشركات الروسية المُهيمنة على القطاعات الاقتصادية في سوريا إذ فازت مثلاً بخمسة عقود نفطية بين عامي 2013 و2020، كما أنها حصلت على عقود لتعدين الفوسفات لشركة روسية عام 2018، والتي من المقرر أن تحصل على 70% من أرباح الفوسفات المستخرج لمدة 50 عاماً بحسب رئيس تحرير موقع Syria Report السوري جهاد يازجي.

  • أهداف أيران من مباحثات أستانه

. تسعى إيران إلى تعزيز وجودها العسكري والمذهبي في سوريا و “تقنينه” عبر مباحثات أستانه من خلال مليشياتها العراقية واللبنانية إضافة إلى بعض المليشيات المحلية التي أسستها من السوريين ، فايران تريد استنساخ ” حزب الله اللبناني” في سوريا، بمعنى إيجاد قوة عسكرية وسياسية طائفية قادرة على فرض الرغبة الإيرانية على جميع الأطراف كما حصل بعد اتفاق الدوحة عام 200‪8 بين الأطراف اللبنانية المتقاتلة آنذاك، بعد حرب أهلية مصغرة في لبنان استطاعت ايران عبر اتفاق الدوحة إلى تقنين سلاح حزب الله وفرضه كشريك سياسي مدعوم بقوة عسكرية ما جعله أقوى طرف في لبنان، وهذا ما تريد بناءه ايران بالضبط في سوريا ، وكل ذلك في إطار الاستعداد لفرض نفسها كشريك للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في إدارة منطقة الشرق الأوسط تمهيدا لمحاصرة دول الخليج وخاصة السعودية.

  • أهداف تركيا من مباحثات أستانه

. بدورها تسعى تركيا إلى تعزيز أمنها القومي عبر الشراكة مع روسيا وايران، خاصة فيما يتعلق بموضوع الاكراد في سوريا، فأكثر ما يؤرق تركيا هو تلك القوات الكردية على حدودها لذلك تسعى مع إيران إلى تحجيم الدور الكردي في المنطقة عموما وسوريا خصوصا ، خاصة وأن ايران وتركيا تتشاطران نفس المخاوف في المسألة الكردية مع وجود ملايين الأكراد في إيران وتركيا على حد سواء، فمن نتائج أستانة أن تركيا استطاعت حتى الآن تنفيذ عمليتين عسكريتين داخل الأراضي السورية، الأولى: هي عملية درع الفرات (2016-2017) شمال حلب، والثانية: هي عملية غصن الزيتون (2018) في عفرين، كما نشرت قوات لها في شمال إدلب بموجب اتفاق إدلب (2017) مع روسيا، محققةً بذلك جملة من الأهداف لعل أهمها تحرير مساحة من الأراضي شمال سوريا من قبضة حزب الاتحاد الديمقراطي؛ الأمر الذي مكَّنها من إعادة عدد من اللاجئين، وقطع الطريق أمام مشروع الحزب المتمثل بإقامة كيان له في الشمال السوري، ووضع موطئ قدم عسكري لها يخولها تعزيز موقعها التفاوضي في الملف السوري مستقبلًا من أجل تحقيق أولوياتها المتمثلة في إبعاد “القوات الكردية” عن حدودها وإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم.

. هذه بعض أهداف الدول الضامنة لمباحثات أستانه، أما الخاسر الأكبر في كل ذلك فهو الشعب السوري وثورته فبعد أكثر من 10 سنوات من الحرب الطاحنه التي لم يشهد لها العالم مثيل منذ الحرب العالمية الثانية أدت إلى استشهاد نصف مليون شهيد 250‪ الف معتقل ومفقود و 12 مليون مهجر ونازح، لا يزال المجتمع الدولي لا يرى ضير في إعادة تعويم نظام الأسد. فيما تجتمع الدول الدكتاتورية والفاشلة لتنال حصتها من سوريا كما تجتمع الضباع على فريسة لا حول لها ولاقوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.