سوريا – نهرين العلي
لقد بني المسرح التدمري في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، وكان بناؤه على طراز المسارح الرومانية، وهو في وضعه الحالي يكاد أن يكون سليماً، وقد بني على مستوى الأرض المجاورة ، وبشكل نصف دائري . ورواقه الخارجي هو نفس رواق الشارع الطويل
والواقع ، إن المسرح ، بالنسبة للمدينة غابة في الجمال . ويعتبر آبدة من أجمل الأوابدة ، التي تبهج النفس بأدراجها المتوازنة ومداخلها المحكمة وبمنصة التمثيل الرحبة ، المزينة بالأعمدة الرشيقة .
وعرف بالمسرح رواق بشكل قوس ، يؤدي إلى بناء مجلس الشيوخ أو المجلس البلدي ويضم في صدره ردهة للاجتماعات ، فيها مسطبة بشكل حذوة الحصان لجلوس الأعضاء . وإلى الجنوب الغربي من المسرح ، يوجد 《 الآغورا 》 أي الميدان ، حيث تعقد الاجتماعات العامة .
وهذا البناء من منجزات القرن الثاني الميلادي . مشاد على أعمدة. وله أحد عشر بابآ وفيه سبيلان للماء ومنصة للخطابة . وكانت أعمدته تحمل حوالي مائتي تمثال . وفي الرواق الشمالي تماثيل آرباب الوظائف وفي الغربي تماثيل العسكريين ، وفي الجنوبي رؤوساء القوافل . وفي الزاوية الغربية من الميدان بناء أو هيكل للموائد الدينية ، يتوسط جدرانه مدماك محلي بافريز جميل من الزخرفة الهندسية ، المعرفة بالفريكسو . وعلى طول الجدران مساطب توضع عليها الطنافس والحشايا لجلوس المدعوين .
والمسرح يتسع لأكثر من ألف شخص ، ويؤدي إلى وظيفتين أساسيتين ، التمثيل وصراع الوحوش ونزال المصارعين . فهو مسرح وحلبة في وقت واحد . كما إن منصة التمثيل واضحة وهامة . وفي صدر المدرج مدخل للوحوش والمصارعين ، وآثار قضبان للشباك لحماية المتفرجين . وما زالت ظاهرة الأثر في الحواجز .
ولم يستعمل هذا المسرح للاضطهاد الديني . إذ أن التدمريين ، كان تسامحهم الديني ظاهرآ . وقد عطفت الملكة زنوبيا على المسيحية ، وحمت بولس الشميساطي أسقف انطاكية . كما كانت الجالية المسيحية في وضع جيد ، حتى سقوط تدمر عام 324 م