BAZ_NEWS- مقالة ورأي
الكاتب السوري محمد علي
أفرج النظام السوري عن عشرات المعتقلين لديه بموجب عفو ” لا يشمل المعتقلين السياسين” في مهزلة جديدة،حيث قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنّ النظام السوري أفرج عن 81 شخصاً بموجب مرسوم العفو رقم 13 لعام 2021، والذي “لا يشمل المعتقلين السياسيين”، فيما اعتقل قرابة 176 آخرين منذ صدور المرسوم، مشيرة إلى استمراره باعتقال 131 ألف شخص.
. هذا الخبر يعود بالأذهان إلى مأساة المعتقلين في سوريا، حيث بلغت اعدادهم حسب إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها تخطت حاجز 220 ألفاً، بينهم تسعة آلاف طفل دون سن الـ18، وحوالي 4 آلاف و500 امرأة، قتل تحت التعذيب أكثر من 11 ألف معتقل موثق حسب “تسريبات قيصر” وفقد عشرات الآلاف منهم فيما لا يزال من بقي مصير من بقي منهم مجهولا، وبحسب الشبكة فإن ما لا يقل عن 1.2 مليون مواطن سوري على الأقل قد مرَّ بتجربة اعتقال في سجون النظام السوري منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في مارس 2011.
هذه الأرقام مرعبة بحد ذاتها ، فكيف أن كانت تلك الأرقام هي بشر لهم عائلات أمهات و أباء زوجات وأبناء؟! بالتأكيد سيكون العذاب والتنكيل الذي يلاقونه في غياهب سجون ومعتقلات الأسد ألما مضاعفا لهم ولعائلاهم.
–أين يتم قتل وتغييب المعتقلين في سوريا
. لقد أنشئ الأسد الأب منظومة أمنية واسعة كثيرة ومتشعبه وكل جهاز في هذه المنظومة يعمل بشكل مستقل عن الآخر مع كامل حرية الاعتقال وحتى القتل في حال شكها بولاء أي مواطن لنظام الأسد ، ما مكن نظام الأسد من الصمود لسنوات عبر زرع الخوف والرعب بين أوساط لمدة ٤٠ عاما قبل أن تندلع الثورة السورية ، يتوزع المعتقلين على عدد كبير من هذه السجون و الفروع الأمنية العلنية والسرية التي لو أردنا فقط عدها لمل القارئ من كثر إعدادها ومسمياتها، لكنها في المجمل تندرج تحت 4 مسميات أساسية حيث تنقسم الأجهزة الأمنية في سوريا لعدة أقسام
1- شعبة المخابرات العسكرية .
2- شعبة الأمن السياسي.
3- إدارة أمن الدولة .
4- إدارة المخابرات الجوية.
5- إدارة الأمن الجنائي
6- إدارة الجمارك ( المكتب السري )
وكل فرع وإدارة من هذه الأفرع ينقسم بدوره إلى عدة أفرع تتوزع على كامل مساحة الجغرافية السورية. ناهيك عن السجون المدنية في كل محافظة إضافة للسجون العسكرية الكبرى مثل سجن تدمر وسجن البالوني وسجن صيدنايا سيئ الصيت الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “أسوأ مكان في العام”، متفوقا بذلك على سجون الصين وكوريا الشمالية ناهيك عن سجون الدول العربية.
- طرق التعذيب والقتل في المعتقلات
. أبتكر وابدع النظام السوري طرقا للتعذيب لا يمكن حتى للشياطين التفكير بها، فمن أسلوب ” الشبح” وهو تعليق المعتقل من يديه كالذبيحة في الهواء لساعات أو حتى أيام حتى ليبقى المعتقل في حلقة من الألم والضغط فتنخلع عظامه من مكانها وتختلف مع اضلاعه مع بعضها إلى طريقة الصعق بالكهرباء من الأعضاء الجنسية للمعتقلين، أضافة للضرب بالكابلات الكهربائية حتى الموت أحيانا، ناهيك عن الاغتصاب والانتهاكات الجنسية بحق النساء والرجال والاطفال على حد سواء، أضافة التجويع وظروف الاعتقال الجهنمية.
لن نستطرد في ذكر أساليب التعذيب في سجون ومعتقلات النظام لوجود ألاف مقاطع الفيديو ومئات الوثائقيات والشهادات التي تدمي القلوب قبل العيون تتحدث عن أساليب التعذيب والقتل في سجون الأسد، لكننا سننقل شهادة لمعتقل سابق في فرع الأمن العسكري ٢٣٥ المعروف في سوريا بأسم ” فرع فلسطين”
يقول “أحمد” وهو معتقل خرج “برشوة” حيث دفع أهله ما يقارب 10 ألاف دولار لأحد المسؤلين في الأمن لإخراجه من الفرع. يقول : كان يتم حشر ما بين ال 100 إلى 120 معتقل في مهاجع طول كل منها لا يزيد عن ال 20 متر وعرضها لا يتجاوز 6 امتار ما كان يضطرنا للنوم فوق بعضنا البعض وأحيانا نقوم بعمل “ورديات ” مناوبات “حيث يقوم قسم منا بالنوم على الأرض لمدة 3 ساعات بينما نقوم بالوقوف ثم نيقظهم لنعود وننام نحن ٣ ساعات بالتساوي حتى الصباح ، وهنالك زانزين أنفرادية عبارة عن تواليت” مرحاض” حرفيا، لايزيد طوله عن 1.5 متر وعرضه عن ال70 سم ، يتم إيداع من تعتبرهم إدارة الفرع “معتقلين خطرين” مثل قادة في المعارضة او أعلاميين وصحفيين أو كتاب سياسيين في تلك الزنازين ، ويضيف بأنه لا يستطيع نسيان قصة معتقل معه من ريف حلب الشرقي أسمه “عبدلله”وهو في العشرنيات من العمر، حيث بعد أن قاموا بتعذيبه بشتى أنواع الطرق لدرجة أن جسمه لم يعد قادرا على تحمل المزيد من التعذيب، وعلموا أنه قد يموت بدون أن يأخذو منه أي معلومة، قاموا بحيلة جديدة، وفي أحد ليالي التحقيق المرعبة أخذوه للتحقيق لكنه عاد في هذه المرة لا يتكلم أبدا وكانت عيناه تتقد احمرار وكأنها جمر الغضى رغم عدم وجود آثار تعذيب جديده عليه ، حاولنا مرارا عن التكلم عن ما حصل معه ليومين لكنه أصر على الصمت، وفي اليوم الثالث أسر لصديقه المقرب أنه لما ذهب إلى التحقيق معصوب العينيين طلب الضابط من عناصر الفرع أن يرفعوا العصبة عن عينيه ليتفاجأ برؤية أخته وهي تتعرض للتعذيب أمام عينينه، ليعود مسكور القلب مهيض الجناح ويرفض الكلام والطعام إلى أن توفي بعد أيام قليلة من شدة الحزن.
. كل هذه القصص والمأسي المتواصلة والموثقة منذ حكم الأسد الأب حتى اليوم لم تمنع النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين من أكمال أجرامهم بحق الشعب السوري على كافة الأصعدة، من قتل بالبراميل المتفجرة والقصف العشوائي لبيوت المدنيين إنتهاء بالتهجير او الاعتقال والقتل في المعتقلات، أمام عين ونظر المجتمع الدولي الذي يقف عاجزا أو متعاجزًا عن إيقاف هذا النظام عند حده.