قوة ملالي طهران تتغذى من العمالة وشتات الأمة العربية.

تعتبر إيران من اللاعبين الأساسيين في المشروع الصهيوني الهادف إلى تقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ, وتتجلى طموحاتها التقسيمية في تمددها الحالي في الدول العربية التي تتناسب مع خريطة مشروعها الفارسي, فلم تكن الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلا لإزالة العقبة الكبيرة في وجه هذا المشروع, إذْ كان اللقب الملقى عليه كحامي البوابة الشرقية للوطن العربي لم يكن عبثياً أو مجرد لقبٍ للتباهي والعظمة, وإنما كان حقيقيةٌ مطلقة فهمها الغرب قبل العرب, فكان قرار الإطاحة بهِ حتمياً ويجب تنفيذهُ, فهو الوحيد الذي جرع نظام الخميني السّمَ وهو الوحيد الذي تجرأ على ضرب إسرائيل في عقر دارها, وبعد رحيلهِ وجدت إيران ضالتها في العملاء من بعض الزعماء العرب اللذين باتوا يتباهون بعلاقاتهم مع الدولة الفارسية, حيث دأبت إيران على زرع ركائز لها في شتى مناطق الوطن العربي لخدمة مشروعها الفارسي في المستقبل, ورأت ضالتها الحقيقية في بعض هذهِ الدول كلبنان والعراق وسوريا ومصر, محاولةً بثَّ سمومها الطائفية في هذهِ الدول لتنفيذ أجنداتها الخبيثة, الهادفة إلى تدمير وتفتيت المجتمعات العربية, ونجحت نجاحاً مبهراً في العراق ولبنان وسوريا مقارنةً بفشلها الذريع في مصر, بسبب حجم الخطوط الحمراء العريضة, لرفض الشعب المصري  اقترابها أو حتى دنوها من العبث بالملف الديني, واستعاضت عنها مؤخراً باليمن السعيد الذي أصبح حزيناً بكلِّ ما تحمل الكلمة من معنى, حتى تمكنت من بسطها أذرعها الأخطبوطية على أربعةِ دولٍ عربية, لدرجة أنها أصبحت صانعة القرار الرئيسية في هذهِ الدول, فاصبح الابتزاز الديني عبر نشر المغريات المادية والعينية من أبرز طرقها لإغواء المحتاجين ودفعهم لدخول المذهب الشيعي, ونخصُ بالذكر هنا سوريا,التي أرهقتها الحرب مما ساعد في فتح أبواب الاستغلال للمعممين على أكمل وجه, ففي فترة حكمهِ قام  حافظ الاسد : بتمكين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع طهران مع احتفاظهِ بخطوطٍ حمراء لحجم تمدد هذهِ العلاقة, مدركاً بانهُ لا يجب السماح لها في التدخل في صنع القرار السوري, على الرغم من موافقتهِ على نشر التشيع في سوريا, وكلّف اللواء هشام بختيار الشيعي المذهب, بتولي هذا الملف, وبعد موتهِ أي حافظ الأسد, رأت إيران في ابنهِ بشار الفرصةَ المناسبة كونهُ شخصاً قليل الخبرة السياسية وليناً أمام تقديم الخصائص والميزات الإيرانية في تزوير التاريخ, ابتزاز الشعوب العربية من منطلق الطائفية. على عكس مذهبية العراق ولبنان فإن الاكثرية الغالبة في سوريا هم من السُنّة, مما جعل من مهمّة نظام الملالي في طهران شبه مستحيلة أو مستعصيةٍ إلى حدٍ بعيد, ولكن مع دخولها في أتون الحرب السورية, شكلت إيران العديد من الميليشيات الشيعية في سوريا من الداخل السوري, مستغلةً اللعب على وتر الأقليات واستقطبت العديد من الميلشيات الأخرى وزجتهم في الحرب السورية تحت ذريعة حماية المقدسات الدينية, فقتلت وهجرت من السنّة السوريين ما استطاعت إليهِ سبيلا, ولازالت مستمرةً في ذلك من خلال تحكمها المباشر والعلني بمفاصل الدولة كاملةً ابتداءً من مطيتها بشار وطغمتهُ الحاكمة,فعمدت إلى مصادرة أملاك المعتقلين والمهجرين وتمليكها لعناصر ميليشياتها, بالإضافة غلى شرائها لعددٍ كبيرٍ من العقارات, وافتتاح الحسينيات والمراقد الطائفية, وافتتاح المراكز الثقافية في المناطق التي تسيطر عليها, والدليل الحي على ذلك مدينتي دمشق العاصمة ودير الزور الحدودية مع العراق والتي تعتبر مثاليةً لممارسة تلك الأنشطة وتمكنت بالفعل من تشييع الآلاف في دير الزور من خلال انشطتها المعتمدة على الخداع العاطفي الديني والمغريات المادية, التي تطلق برامج نشاطاتها من مركز نور الثقافي الإيراني في البو كمال, وإطلاق العديد من البرامج الترفيهية لغسل أدمغة الأطفال وذويهم, ففي المحصلة وجدت إيران في سوريا المناخ المناسب والبيئة المطلوبة لتنفيذ أجنداتها الخبيثة, مستغلةً الفقر وجشع السلطة الحاكمة, مستمدةً طاقتها من انظمةٍ قمعية مرتكزة على العمالة والخيانة والمتاجرة بقوت شعوبها, فهل تحتاج الأمة العربية إلى صدام حسين من جديد, أم أنّ زمن الوفاء للشعوب والوطن قدْ ولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.