لم تصدر المخرجات النهائية من القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان، واقتصرت التصريحات على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، أما جوهر الإجتماع لم يخرج للعلن مما أدى إلى استمرار ضبابية الوضع السياسي والعسكري في المرحلة القادمة،
حيث لم يصرح أي من الطرفين بما دار بينهما داخل قبة الإجتماع عن بعض التصريحات الضرورية كبروتوكول سياسي ودبلماسي، مع انتظار العالم للنتائج الحقيقة لهذا اللقاء، فمع الإيجابيات التي شابت الإجتماع في التصريح العلني وهذا يجزم بأن ثمار هذا اللقاء وضعت في صندوق أسود لايعلم مفاتحه إلا رؤساء الدولتين، هناك نقيض حاد على الأرض السورية في ملف الشمال المحرر وخصوصاً أدلب، التي تعرضت لتصعيد عسكري روسي وصفه الأتراك بالمقلق والخطير، ويتعارض بوضوح مع الاتفاقيات المبرمة مع الروس بهذا الشأن،
مما دفع الجيش التركي لتعزيز نقاطه ومواقعه العسكرية في تلك المناطق بالعدد والعتاد واستقدام مدرعات ثقيلة وإعلانه للجهوزية الكاملة في مواجهة الخطر المحدق بأمنها القومي، وربما فهم الأتراك جيداً فحوى الرسائل التي أطلقها النظام السوري من خلال تهديده بمهاجمة الجيش التركي قريباً، بأنها رسائل موجهة من الروس أنفسهم عبر وكيلهم في الحرب وهو النظام السوري،
ومما لاشك فيه أن روسيا عندما تريد فرض شيء على الأرض، تسبقه بتصعيد عسكري وهذا يدلل على قيامها بقصف مواقع للجيش الوطني في جبل الزاوية قبل أيام وبعده في عفرين ( منطقة غصن الزيتون)، ممارسة ضغوطاً مباشرة وغير مباشرة على الجانب التركي لإجباره على الجلوس مع النظام السوري على طاولة المفاوضات وبالتالي التخلي عن دعم الجيش الوطني المتمثل بالمعارضة والمقرب من تركيا بشكل كبير، من خلال فرض حزمة من أشكال الابتزاز السياسي كاستغلال طبيعة العلاقات المتوترة مابين أنقرة وواشنطن، وصفقة صواريخs 400 التي اشترتها تركيا وكانت سبباً مباشراً في تراجع العلاقات الأمريكية التركية والتي لازالت تضغط أمريكا على تركيا للتخلي عن تلك الصفقة،
ومحاولة روسيا إبقاء المناطق المحررة بيد تركيا مقابل الطريق الدوليm4 وإجبار تركيا على فتح علاقات دبلوماسية مع النظام السوري لتعويم بشار الأسد من جديد، فروسيا تعلم جيداً بأن أي تصعيد عسكري في المنطقة من شأنه أن يؤجج حالة اللجوء للأراضي التركية وبالتالي تهديد أمنها القومي وزعزعة العلاقات من جديد مع الإتحاد الأوروبي الذي سيتأثر بموجة لجوء جديدة،
مع إعطائها ضمانات ضمانات تأتي لاحقاً بتحييد قوات سوريا الديمقراطية عن المشهد السياسي وانخراطها تحت مظلة الحكومة السورية، وبالتالي تأمين التهديدات على حدودها من خلال تحجيم حزب العمال الكردستاني في سوريا، وتأتي القمة. التي عقدت مابين الروس والأتراك بمباركة أمريكية حتى مع إنكار الطرفين لذلك الأمر، لأن الولايات المتحدة هي المتحكمة بمفاصل الحل السياسي في سوريا لو أرادت ذلك، ولن تقبل بأي مخرجات لاتتناسب مع حجم مصلحتها الجيوسياسية والإستراتيجية على أقل تقدير،
والدليل على ذلك هو الشروع ببدأ تنفيذ مشروع خط الغاز العربي الذي لاقى إيذاناً جزئياً من الولايات المتحدة الأمريكية ولم تجرأ روسيا وأي دولة أخرى من اللاعبين الأساسيين في الشأن السوري على طرح الفكرة، لذلك وبعيداً عن كافة التكهنات بشأن قمة بوتين أردوغان لن يكون هناك ماهو متفق عليه بعيداً عن الإيذان الأمريكي، سواء كانت الحرب من خلال التصعيد أو الحوار مع النظام من خلال التطبيع،
وربما تتأثر تركيا بالضغوطات من المجتمع المدني داخل المناطق المحررة بحجم الانتهاكات المتكررة التي يرتكبها الجيش الوطني بحق المواطنين مما يدخلها في حالة ولو جزئية أمام الروس والمجتمع الدولي، فمهما بلغت النسبة في حجم القرارات والمخرجات فسيبقى الشعب السوري هو الوحيد الذي يدفع الثمن السلبي بكل تأكيد لأن الحلول الإيجابية بعد مرور عشرة أعوام لم تكن سوى حبر على ورق.
خاص بقلم صدام السوري