فقر وألم .. معاناة مرضى السرطان في شمال وشرق سوريا

سوريا – فريق التحرير

يواجه مرضى السرطان بمختلف أعمارهم في شمال وشرق سوريا تحديات التكاليف الباهظة وطرق تأمين العلاج مع تردي الظروف الاقتصادية والمعيشية.

 

أحمد المحمد (55 عامًا) واحد من مرضى السرطان وينحدر من مدينة الشدادي، يضطر للسفر إلى دمشق بين الحين والآخر لتلقي علاج غير متوفر على مقربة منه.

 

أحمد الذي يعاني سرطانًا في الدم منذ نحو ثماني سنوات قال إنه يسافر مسافات طويلة ومرهقة، ويتحمل تكاليف مالية باهظة للحصول على الدواء والجرعات المجانية في مستشفى “البيروني” بالعاصمة.

 

ويتلقى أحمد نوعين من العلاج، هما دوائي (حبوب)، وكيماوي إشعاعي وهو غير متوفر بشكل دائم ضمن منطقته، ما يدفعه لقطع المسافة المرهقة من مدينته باتجاه العاصمة دمشق.

 

وأضاف أحمد أنه يحتاج إلى مراجعة مستشفى “البيروني” مرة كل شهر لتلقي العلاج، وقد توجد أدوية في بعض المستشفيات والجمعيات المحلية بالحسكة، لكن يكون ذلك مرة في العام فقط، وليس بمتناول يد الجميع، بسبب المحسوبيات والفساد في المنطقة، إذ “يبلّغ كل موظف من يعرفهم فور توفر الدواء، ما يحرم كثيرين من الحصول عليه، فالكميات قليلة وغير كافية”، حسب قول أحمد.

 

في كل مرة يسافر فيها أحمد إلى دمشق، يدفع نحو 100 ألف ليرة سورية (ذهابًا وإيابًا) كأجور للطريق فقط، تضاف إليها مصاريف أخرى كالتنقل ضمن العاصمة، ومصاريف المبيت.

 

وبحسب ما قاله أحمد، فهو يعتبر نفسه أفضل حالًا من سواه، لأنه يستطيع السفر إلى دمشق دون الحاجة إلى مرافق كآخرين، ما يضاعف التكاليف عليهم.

 

وأضاف أن الوصول إلى مستشفى “البيروني” بعد العناء المادي والجسدي، لا يعني الحصول على العلاج المجاني، فقد لا تتوفر بعض الأدوية في المستشفى، ما يستدعي شراءها من الخارج بسعر مرتفع جدًا.

 

“أحتاج إلى علبة دواء تحوي 30 حبة شهريًا، ويبلغ ثمنها نحو نصف مليون ليرة سورية، إضافة إلى التحاليل المطلوبة مرة كل ثلاثة أشهر، بتكلفة 120 ألف ليرة سورية للتحليل الواحد داخل مستشفى (البيروني)، و475 ألف ليرة سورية خارجه في مخبر خاص”، قال أحمد.

 

عن دور الجمعيات التي تُعنى بمرضى السرطان في المنطقة، أشار أحمد المحمد إلى أن المساعدات التي تقدمها بسيطة ولا تكفي وغير منتظمة.

 

وقال إن أحدث مساعدة حصل عليها من إحدى الجمعيات كانت مبلغًا قدره 25 ألف ليرة سورية (حوالي دولارين) تُصرف لمرة واحدة فقط.

 

ودائمًا ما يتلقى طالبو المساعدة من الجمعيات رفضًا بسبب عدم وجود ميزانية كافية لتوفير الأدوية أو دعم المرضى.

 

أمين عبد القادر عبدو، وهو إداري في إدارة جمعية “الأمين” لدعم مرضى السرطان بالقامشلي، قال إن مشكلة مرضى السرطان في الجزيرة السورية تكمن في عدم وجود مراكز متخصصة ومؤهلة وكبيرة للعناية بهم، على غرار تلك الموجودة في دمشق.

 

وأضاف الإداري في الجمعية المعنية بمرضى السرطان من الأطفال في مناطق الإدارة الذاتية، أن أسعار الأدوية تختلف من حالة لأخرى، لكنها مرتفعة بشكل عام وتبدأ من 150 ألف ليرة سورية.

 

ومن الصعوبات التي تواجه المرضى أيضًا، وجود وقت محدد لأخذ الجرعة، ما يجبر المرضى على دفع ثمن الدواء بأي سعر كان، بحسب عبدو.

 

وأضاف أن جمعية “الأمين” تُعنى بالمرضى من الأطفال فقط، ويموّلها “أصحاب الخير والأيادي البيضاء” (التبرعات).

 

نتيجة لضعف الإمكانيات وعدم القدرة على توفير الأجهزة اللازمة لمبيت المرضى، يجري الاعتماد في الجمعية على نظام الإحالات، علمًا أن بعض المرضى يحتاجون إلى سبع أو ثماني جرعات حسب قدرة الجسم على التحمل.

 

ويحال المريض إلى طبيب متعاون مع الجمعية، وهو بدوره يتواصل مع طبيب آخر في دمشق لإتمام العلاج، بحسب عبدو.

 

حسين رضوان (51 عامًا)، وهو والد لطفل يعاني السرطان منذ بضع سنوات، قال إنه يعيش وعائلته “على حافة الهاوية”، مع سعيه المستمر لتأمين رعاية صحية لطفله.

 

وأضاف أنه وعائلته يجد نفسه في كثير من الأحيان يواجه “الواقع المرير” المتمثل بالنفقات الطبية التي لا يمكن تحملها، ما يجعله يشعر بالعجز والقلق بشأن مستقبل ابنه.

 

حسين قال، إن الجمعيات أو المبادرات الفردية تعمل جاهدة لمساعدتهم، لكنها تعاني قلة الدعم، ما يجعل عملها يقتصر في كثير من الأحيان على نشاط ترفيهي للأطفال المرضى، أو توزيع الألبسة، وغيرها من الأنشطة التي لا تؤثر جذريًا في رحلة العلاج للأطفال أو تخفف من معاناة الأهل بشكل حقيقي.

 

منتصف تموز الماضي، افتتحت لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني التابع للإدارة الذاتية مركزًا لمعالجة الأورام السرطانية في مستشفى الرقة.

 

المركز هو الأول من نوعه شمال وشرق سوريا، حيث يقدم العلاج الخاص بالأورام بطريقة مجانية للمرضى، بهدف تخفيف أعباء العلاج عنهم، ويعمل في المركز كادر طبي مؤلف من 24 متخصصًا في مجال معالجة الأورام.

 

ويوفر المركز أنواعًا من الجرعات الكيماوية هي: “ميثوتركسيت، سيلين، وكاكا أبلان، سيتارابين، روماسين، إيتوبوسيد، وفلوجرين”، ويجري العمل على تأمين عدد أكبر من الجرعات.

 

أما في مدينة القامشلي فأعلن الهلال الأحمر التابع للإدارة الذاتية، في نيسان الماضي، عن قرب افتتاح مركز لعلاج مرضى السرطان إلى جانب مستشفى لعلاج الحروق.

 

ويقع المستشفى المذكور بالقرب من كراج الصناعة وعلى مقربة من مستشفى القلب والعين شرق القامشلي، لكن لم يعلن عن بدء استقباله للمرضى حتى لحظة تحرير هذا التقرير.

 

وكانت الجمعية السورية لعلاج سرطان الأطفال افتتحت عام 2020 مركزًا لها في مدينة الحسكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.