عودة العلاقات الأردنية مع نظام الأسد ومصادر تتحدث عن زيارة وزير دفاع النظام إلى الأردن

مصادر أردنية : تتحدث عن زيارة مرتقبة لوزير الدفاع السوري إلى العاصمة الأردنية عمّان
العلاقات الاردنية السورية منذ عام 1936
ساد العلاقات الأردنية السورية جو من التوتر في أثناء فترة الانتداب، لدعم الأمير عبد الله بن الحسين الانتفاضات والثورات السورية المسلحة في الأعوام 1936 و1939 و1945. فقد كان من الطبيعي أن يدعم الأمير عبد الله هذه الثورات السورية انطلاقاً من مبادئه القومية الساعية لتخليص سوريا من الاحتلال الفرنسي وتوحيد بلاد الشام، وبوحي من هذه المبادئ كانت حماية الأمير عبد الله لجماعة حزب الاستقلال بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الجنرال غورو عام 1921م، ثم استضافته للثائر إبراهيم هنانو في العام نفسه.
وفي السنوات من 1921-1930م ظل الوضع مضطرباً على الحدود الأردنية السورية بسبب حدوث مناوشات بين القبائل الأردنية والسورية، وعدم تمكن أي من الحكومتين الأردنية والسورية من كبح جماح القبائل التابعة لها، إلى أن تم تشكيل قوة البادية عام 1931م التي استطاعت إعادة السلام إلى منطقة الحدود بين البلدين.
وبعد ذلك أخذت العلاقات الأردنية السورية بالتحسن، وتم تشكيل لجنة لترسيم الحدود بين البلدين، واتفق في عام 1932م على أن تبدأ من نقطة تقع إلى الجنوب من بحيرة طبريا، وتنتهي بنقطة قريبة من جبل طنف في الصحراء السورية وهي النقطة التي تلتقي فيها الحدود الأردنية السورية العراقية.
وعند اشتعال الحرب العالمية الثانية، واستسلام فرنسا للجيوش الألمانية عام 1940م وإعلان القوات الفرنسية الموجودة في سوريا ولاءها لحكومة فيشي، بدأت العلاقات الأردنية السورية تتوطد، إلى أن بدأت تأخذ مسارها الصحيح في عهد الاستقلال. وفي عام 1976م وقع الملك الحسين بن طلال والرئيس حافظ الأسد على بروتوكول وحدة بين الأردن وسوريا[بحاجة لمصدر] واتخذت إجراءات رسمية لتسهيل عملية العبور بين الدولتين ما زالت جارية حتى يومنا. كما قامت بين البلدين كثير من المشاريع الاقتصادية والإنمائية.
وقد أعلنت الحكومة الأردنية بتاريخ 31-12-2009 أنه سيتم إلغاء ضريبة المغادرة والرسوم المفروضة على الأردنيين والمركبات والشاحنات والحافلات عند مغادرتها الحدود بين البلدين الأردن وسوريا. كان هذا القرار تنفيذا لمذكرة التفاهم الأردنية السورية الموقعة بين البلدين خلال اجتماع اللجنة الوزارية الأردنية السورية المنبثقة عن اللجنة العليا برئاسة رئيسي وزراء البلدين التي عقدت في دمشق، وكان الجانب السوري قد استبق الموعد الرسمي لتنفيذ هذه المذكرة وبدأ بالتطبيق قبل شهر من الموعد المقرر.
ووصف الناطق باسم الحكومة الأردنية نبيل الشريف هذه المذكرة بأنها تشكل خطوة مهمة في تعزيز العلاقات القوية بين البلدين. وأضاف في تصريحات اوردتها وكالة الأنباء السعودية “واس” أن المذكرة تنطوي على منافع وفوائد كثيرة مشتركة لمواطني البلدين وتسهل عليهم التواصل. وكان الأردن وسوريا اتفقا بموجب مذكرة التفاهم على تقديم التسهيلات الممكنة في مجال التجارة والنقل وحركة المسافرين من البلدين والموانئ لديهما عقب الاجتماع الموسع للجنة الوزارية المشتركة.
شهدت العلاقات بين سوريا والأردن خلال السنوات التي تلت عام 2011، تحولات دراماتيكية وخاصة من الجانب الأردني.
المحطة الأولى كانت مع بداية الثورة، إذ اتسم الموقف الأردني تجاه استخدام النظام السوري الآلة العسكرية ضد المتظاهرين السلميين بـ “الغموض والضبابية”.
كما انتهج الأردن استراتيجية تقوم على الحذر والتردد في إعلان موقف صريح من تصاعد وتيرة العنف، على عكس العشائر الأردنية التي طالبت مرارًا الحكومة بالتدخل، وخاصة العشائر الموجودة على الحدود بسبب التداخل السكاني والعشائري مع درعا.
واكتفى الأردن في هذه المرحلة بتقديم مساعدات إنسانية للنازحين من درعا الذين هربوا من تصاعد الأحداث في المدينة.
وفي المقابل شهدت سوريا خلال زيارات لوفود نقابية أردنية، في آب 2011، وطابقت تصريحاتهم رواية النظام الرسمية عن وجود مؤامرة تستهدف سوريا.
تغير المواقف.. نصيحة للأسد بالتنحي
ومع تطور الأحداث على الساحة السورية استمر موقف الأردن المتمثل بالحذر خوفًا من الانجرار إلى سيناريوهات غير متوقعة، حفاظًا على مصالحه الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية الحيوية مع الجارة سوريا.
ورفض الأردن سحب السفير من دمشق على غرار ما فعلت دول الخليج، بعد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، في آب 2011، رغم تأييد عمان قرارات الجامعة.
واتخذ الأردن خطوة إلى الوراء، وبدأ بإعادة حساباته وترتيب أوراقه، إذ يعتبر الملك الأردني، عبد الله الثاني، أول من نصح رئيس النظام السوري، بشار الأسد بالتنحي.
وقال الملك الأردني في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” في تشرين الثاني، “أعتقد أنني لو كنت مكانه لتنحيت، وعليه أن يهيئ الأجواء لمرحلة سياسية جديدة ويبدأ حقبة جديدة من الحوار السياسي قبل أن يتنحى وذلك لعدم وجود من يخلفه لتغيير الوضع الراهن.
مرحلة الدعم.. طيار سوري يهبط في الأردن
ومع دخول الثورة السورية الحراك المسلح في عامها الثاني، وسيطرة فصائل المعارضة السورية على مساحات واسعة من سوريا، تحول الموقف الأردني إلى الداعم والمساند للمعارضة.
واحتضنت الأردن المعارضين السوريين على أراضيها، وسمحت لهم بحرية التحرك والتحدث لوسائل الإعلام ضد النظام السوري بشكل علني.

ووافق الأردن، في تموز 2012، على طلب العقيد الطيار حسن مرعي حمادة، الهبوط في المطار بعد انشقاقه مع طيارته “ميغ 21” ورفضه لقصف مناطق المعارضة.
كما كانت الأراضي الأردنية طريقًا لانشقاق رئيس الوزراء السابق، رياض حجاب، في آب 2012.
وفي كانون الثاني 2013، اعترف الأردن بالائتلاف السوري ممثلًا شرعيًا للشعب السوري والمفاوض الأساسي عنه.
مرحلة التصعيد.. “الموك” يزيد الدعم
وشهد عاما 2013 و2014 تطورًا في المواقف الأردنية تجاه الأحداث في سوريا، إذ وافق على تأسيس الـ”موك” على أراضيها.
و”موك” هي غرفة تنسيق عسكرية تضم ممثلين عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والعربية، وهدفها تقديم الدعم العسكري لفصائل من “الجيش الحر”، وخاصة في المنطقة الجنوبية.
كما طردت عمان السفير السوري في الأردن، بهجت سليمان، في أيار 2014، بسبب تصريحاته المثيرة للجدل وقيامه بتحركات “خارجة عن الأعراف الدبلوماسية”، بحسب الرواية الأردنية الرسمية.
ورد النظام السوري على خطوة الأردن بطرد القائم بالأعمال الأردني، لكن الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأردنية، صباح الرافعي، نفت ذلك.
وقالت الرافعي حينها إن “موضوع طرد القائم بالأعمال الأردني من العاصمة دمشق، غير صحيح لسبب بسيط هو أنه لا يوجد قائم بالأعمال هناك”.
وأضافت أن “سفير الأردن في دمشق، عمر العمد، تقاعد من منصبه في بداية 2014، وكل كبار موظفي السفارة الأردنية تركوا سوريا منذ مدة”.
وتصاعدت حدة التصريحات بين الطرفين، إذ هدد الأسد الأردن، في نيسان 2017، وقال إن لديه معلومات حول وجود خطط لدى الأردن، لإرسال قوات إلى جنوب سوريا بالتنسيق مع أمريكا، متوعدًا، “في حال دخولها لا نناقشها كدولة، بل كأرض”.
الرد الأردني كان على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، الذي وصف تصريحات الأسد، بـ”المنسلخة عن الواقع”.
وقال المومني في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، في نيسان 2017، إن “حديث الأسد منسلخ تمامًا عن الواقع، ويدل على حجم التقدير الخطير الخاطئ لواقع الأزمة السورية بأبسط حقائقها”.
وأضاف المومني أن “تصريحات الأسد مرفوضة وادعاءات (…) مؤسف أن يتحدث الرئيس السوري عن موقف الأردن، وهو لا يسيطر على غالبية أراضي بلاده”.
عودة العلاقات من بوابة “نصيب”
وخلال العام الماضي شهدت الساحة السورية تغيرات على الصعيد العسكرية تجسد في سيطرة قوات الأسد على مساحات واسعة من أراضي المعارضة بدءًا من الغوطة الشرقية مرورًا بريف حمص الشمالي إلى الجنوب السوري.
كما حصلت تغيرات سياسية تجسدت بتراجع مواقف الدول المطالبة برحيل الأسد عن السلطة والانتقال السياسي، وحصر الحرب السورية بمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وعقب سيطرة قوات الأسد على جنوبي سوريا، تموز الماضي، بدأ الأردن البحث عن عودة العلاقات وفتح معبر نصيب الحدودي، الذي يعتبر نافذة عمان إلى أوروبا.
وقرر الجانبان فتح المعبر، الاثنين الماضي، مع وجود لغة سياسية بين الطرفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.