شرق الفرات مابين الحل والمعضلات،،

خلال الأعوام الخمس الأولى من اندلاع الثورة السورية، أبرزت المعارضة المسلحة تقدما ملحوظاً على حساب قوات النظام السوري والميليشيات الأجنبية الموالية له، وبدأت القطعات العسكرية تتساقط أمام شراسة الفصائل القتالية، فكانت اللعبة تنحسر في قدرة الفريق القوي على توسيع النفوذ العسكري والسيطرة على الجزء الأكبر من المساحات الجغرافية التي كانت تعتبر أهم الرسائل للمجتمع الدولي والقوى العظمى اللذين كانوا يراقبون من بعيد وتتجه أنظارهم للفريق القوي، حتى بات سقوط النظام قاب قوسين أو أدنى، ولكن مع التعداد الهائل لقوى المعارضة واختلاف توجهاتها وانحرافها عن الهدف الأساسي من الثورة وهو إسقاط النظام، تبنت بعض الدول الخارجية فصائل معينة من المعارضة من ذوي التشكيلات الكبيرة والقوية وأصبح الارتهان بالخارج وتلقي الأوامر يحرف الأهداف عن مسارها.”انتهاز الفرصة”لجأ النظام إلى خطط بديلة وذكية استطاع من خلالها تحقيق مكاسب على الأرض من خلال المعارضة نفسها، حين انشغلت بالاقتتال فيما بينها وسلوكها لمظاهر ازعجت الدول الخارجية كا أمريكا والإتحاد الأوروبي عندما أظهرت بعض الفصائل الطابع الإسلامي كعنوان لثورتهم ورفعهم لرايات ذكرتهم بأفغانستان وتنظيم القاعدة وظهور الكثير من الأيديولوجيات الراديكالية، فانتهز النظام هذه المعطيات وسعى لأسلمة الثورة وهذا ما نجح فيه إلى حد بعيد، على إثر ذلك تدخلت روسيا وتغيرت الموازين على الأرض، واعتماد النظام لأدهى خطة على مر التاريخ وهي إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) بالتنسيق مع إيران وحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حينها، ليقوم التنظيم بتنفيذ أجندات المحور المرسوم، فأينما أراد النظام أن يكون داعش سيظهر فوراً، التنظيم الشرس الذي أظهر أساليب جديدة من حرب الشوارع والاعدامات وتفننه بطرق القتل. “تقسيم مناطق النفوذ”تعاظم حجم الجبهات وتعددت مناطق النفوذ والسيطرة الجغرافية مع اختلاف الميول العسكري والسياسي لكل منطقة، أعتمد من خلالها النظام على لملمة شمل قواته المشتتة والمتهالكة، وتحشيد الكثير من التشكيلات الميليشياوية كالمقاتلين الأجانب وانضوائهم تحت مسميات طائفية تخدم مصالح النظام بشكل مباشر، ومع حجم الدمار الذي أحدثته ٱلة روسيا العسكرية، أجبر المسلحون من فصائل المعارضة على الخضوع لبرامج التسويات والمصالحات على حساب سيطرة النظام الكاملة في عدة مناطق مهمة واستراتيجية كدرعا ودمشق وحمص وغيرها، أدت إلى بروز مناطق مستقلة إلى حد بعيد عن النظام كشمال غرب سوريا مثل إدلب وريفها واجزاء من منطقة الغاب، تخضع لسيطرة وتحكم تركيا بشكل مباشر، بالإضافة لمناطق شرق الفرات وشمال شرق سوريا التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية فأفرزت هذه المناطق شكلا جديدا من أشكال القوة الفاعلة التي غيرت مجريات اللعبة وفرضت واقعا لم يكن بحسبان النظام وروسيا وإيران.” شرق الفرات سد منيع”يقسم نهر الفرات منطقة دير الزور إلى قسمين غربي وشرقي، القسم الغربي الخاضع بالكامل لسيطرة النظام الشكلية وسيطرة الميليشيات الإيرانية فعلياً وعمليا التي وجدت ضالتها الاستراتيجية في هذه المنطقة المحاذية للحدود العراقية وبالتالي قربها من إيران نفسها، ولكن يقابلها بالجهة الأخرى عدوها المباشر وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي لا زالت مثابرة على ضرب الإيرانيين وغيرهم ممن يفكرون بالتقدم ولو خطوة واحدة باتجاه منطقة شرق الفرات حتى لو كان الجيش الروسي نفسه، وأيضاً وجود تشكيل عسكري ضخم يتمثل بمجلس دير الزور العسكري من أبناء منطقة دير الزور، والمنضوي تحت قوات سوريا الديمقراطية، إذا تعتبر منطقة شرق الفرات بمثابة السد المنيع أمام أي محاولة تقدم على الأرض تسعى لها روسيا والنظام، ومن هنا تعتبر مساعي النظام لفرض سيطرته على سوريا بالكامل على الأقل في المدى القريب، وحتى إدلب التي تعتبر الخزان الرئيسي لقوى المعارضة لم تكن أبدا تمثل حصنا ٱمنا وعصيا على النظام لأنها لازالت خاضعة لبرنامج الصفقات المتبادلة ما بين روسيا وتركيا، بخلاف منطقة شرق الفرات تماماً.

إعداد صدام السوري

تحرير تيماء العلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.