حلب على لسان عاشقيها،،

إن العشق والهوى والغزل لايكون لمحبوبة تواصلت أو هجرت ولا لفتاة جميلة. فالحب والهوى والغزل قد يكون لمدينة أبهرتنا بسحرها وجمالها ورونقها. ومما أبهر الشعراء مدينة حلب تلك المدينة الجميلة التي امتزج فيها سحر الماضي وعبق الحاضر فتغزل بها وانبهر العالم بأسره وتغنى بها الشعراء.
ومن أبرز الشعراء المتنبي حين كان نديما لأميرها سيف الدولة الحمداني. فقد كانت سبيله في الحل والترحال يقول :
لا أقمنا على مكان وإن طاب .. ولا يمكن المكان الرحيل
كلما رحبت بنا الروض قلنا .. حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جيادنا والمطايا.. وإليها وجيفنا والذميل.

أما ابوفراس الحمداني شاعر حلب وفارسها فقلبه يتقطع إن ابتعد عنها فيحن إلى طيورها وحدائقها فكل البلاد حوله موحشة قفرة إلا حلب. يقول :
سقى ثرى حلب ما دمت ساكنها.. يا بدر غيثان منهل ومنبجلس
أسير عنها وقلبي في المقام بها.. كأن مهري لثقل السير محتبس
هذا ولولا الذي قلب صاحبه.. من البلابل لم يقلق به فرس
كأنما الأرض والبلدان موحشة.. وربعها دونهن العامر الأنس
مثل الحصاة التي يرمي بها أبدا.. إلى السماء فترقى ثم تنعكس

وأبو العلاء المعري الشهير، رغم كل تشاؤمه وغضبه وحزنه ، فقد رأى أن حلب علاج ودواء، فقال، في رسالة الغفران :
يا شاكي النوب انهض طالبا حلبا
نهوض مضنى لحسم الداء ملتمس
واخلع إذا حاذيتها ورعا
كفعل موسى كليم الله في القدس

كما وصفها وصفاً جميلاً بأنها جنة عدن ولمن يهجرها نار جهنم المستعرة فيقول :
حلب للوارد جنة عدن…………….. وهي للغادرين نار سعير
والعظيم العظيم يكبر في عينه منها قدر الصغير الصغير

أما البحتري صاحب سلاسل الذهب. فهو عندما يمر بحلب ببساتين حلب وحدائقها الغناء. فيتغنى بها قائلاً:
أمرر على حلب ذات البساتين.. والمنظر السهل والعيش الأفانين

أبا بكر محمد بن الحسن، المعروف بـ”الصنوبري يستطيب العيش فيها فما حول حلب عنده فضة وأوسطها ذهب فيقول :
سقى حلب المزن مغنى حلب فكم وصلت طربا بالطرب
وكم مستطاب من العيش لذ………. بها إذ بها العيش لم يستطب
إذا نشر الزهر أعلامه…………………………. .. بها ومطارفه والعذب
غدا وحواشيه من فضة……………….. . تروق وأوساطه من ذهب

في العصر الحديث نزار قباني الذي عشق مدينته دمشق وكان لحلب نصيب من عشقه وغزله رغم أنه تأخر أكثر من ربع قرن :
كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب
صحيح أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن
وصحيح أن النساء الجميلات لا يغفرن لرجل
لا ذاكرة له ولا يتسامحن مع رجل لا ينظر
في أوراقه الروزنامة..
ولا يقدم لهن فروض العشق اليومي
كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
واحدة منهن.

والشاعر العراقي الكبير مظفر النواب في وتريات ليلة”، قال:
أتيت الشام أحمل قرص بغداد الكبيرة
بين أيدي الفرس والغلمان مجروحا
على فرس من النسب
قصدت المسجد الأموي
لم أعثر على أحد من العرب
فقلت أرى يزيد لعله
ندم على قتل الحسين
وجدته ثملا
وجيش الروم في حلب.

وقد كتبت ُ أنا أبياتاً عن حلب وعشقي لها قلت فيها :
حلب حبي وملهمتي
حلب نبضي وإحساسي
حلب في عشقها نشوة
كطعم الشهد في الكاس
حلب باعوك يا وطني
فلاتشكين للناس
حلب تعشقك أمتنا من نجد لمكناس

إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى

تحرير: حلا مشوح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.