حب في الأندلس – ابن زيدون شاعر الحب والمجد

هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله المخزوميِّ الأندلسيِّ، كان من أشهر شعراء بني مخزوم إذ كان خاتمتهم، ويعدُّ من أبناء وجوه الفقهاء في قرطبة، جدَّ في كتابة الشعر وبرع في نظمه. أما كتابته في النثر فكانت متواضعة ولم يُذكر له الكثير، كان يُلقَّب ب(بحتريِّ المغرب). ولد ابن زيدون في قرطبة عام 1003م ومات أبوه وهو في الحادية عشرة من عمره، أمَّا عن وفاته فكانت بتاريخ 1071م بسبب مرض عضال

ويعتبر ابن زيدون من أهم شعراء الأندلس في عصره. تمتع بمكانة عالية في المجتمع القرطبي بفضل ما أنفق في تعليمه من عناية، وما وهبه الله من ملكة طيبة. ظهرت مَلَكة الشعر عند ابن زيدون وهو في سن العشرين، ذلك أنه عندما توفي القاضي الفقيه ابن ذكوان، ألقى على قبره مرثية بليغة. ثم لم تلبث العلائق أن اتصلت بينه وبين ولاّدة أشهر نساء الأندلس، وإحدى الأميرات من بني أمية، فهي سليلة بيت ملك إذ أنها بنت الخليفة الأموي محمد بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الملقب بالمستكفي بالله، فلما مات أبوها خرجت إلى مجامع الأدباء و العلماء.
فأحبها واحبته فقال فيها الكثير من الشعر ومن جميل قوله:
“يا من غدوت به في الناس مشتهرا
قلبي يقاسي عليكم الهم و الفكرا
ايا من إن غبت لم ألقَ إنسانًا يؤانسي
وان حضرت فكلُّ الناس قدْ حَضَرا”

ومما قالت ولادة في ابن زيدون قولها :
“أغار عليك من عيني ومني. ومنك ومن زمانك والمكانِ
ولو أني خبأتك في عيوني. إلى يوم القيامة ما كفاني”.
تغيّرتْ ولادة على ابن زيدون، فصدّتْ عنه وهجرتْهُ، فأصبح يعاني ذلك الهجر ويتمنّى النظرة منها بأي ثمن ولكن بلا جدوى، ويعود سبب هذا الصد إلى أنّ ابن زيدون قد طلب من مغنية ولادة أن تعيد عليه ما غنّته، فأشعل ذلك نار الغيرة في صدرها، وقد كان تصرفها تصرّفًا أحمقَ يدلّ على قلّة إدراكها لما تخفي صدور الرجال، فقد ظنّت أنّه يغازل مغنيتها

فدخلت بينهم القطيعة فافترقا وتحولت ولادة إلى حب غيره . ومن أعذب شعر ابن زيدون يصف القطيعة والشوق قوله :
أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا
وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا
حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا
مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ
حُزناً مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا
أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم
في موقف الحشر نلقاكم ويكفينا
وظلت تحاك ضد ابن زيدون المؤامرات حتى سجن وبقي في سجنه يعاني فراق ولادة ثم استطاع الفرار إلى إشبيلية وقد عينه المعتضد وزيرا له وبقي وزيرا في عهد ابنه
توفّي ابن زيدون عام 1070م في مدينة إشبيلية، وذلك عن عمر يُناهز 68 عاماً، حيث قضى طيلة أيام حياته في العطاء سواء أكان ذلك بالشعر أو الأدب، فبرع في جميع أنواع الفنون والأغراض الشعريّة،
وفي آخر حياته طلب ابن زيدون لقاء ولادة لكنها رفضت لكي لايراها وهي في السن الشيخوخة. أصابه مرض في آخر حياته ومات تاركا تاريخا وشعرا لاتزال تتناقله الأجيال

إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.