تقرير صحفي :إحداث درعا أظهرت عجز روسيا عن فرض وجها نظرها على حليفيها السوري والايراني .

قالت صحيفة “الشرق الأوسط” إن التطورات التي شهدها الجنوب السوري خلال الأسابيع الأخيرة، شكّلت أصعب اختبار لقدرة روسيا على فرض أجندتها على اللاعبين المحليين من جانب، والأطراف الخارجية المنخرطة في سوريا من الجانب الآخر.وأضافت الصحيفة في تقرير، السبت، أن تثبيت الاتفاق الأخير في درعا وضع أسساً جديدة للتعامل في المنطقة حيث لم تكن موسكو هي صاحبة المبادرة إليها، بقدر ما كانت مضطرة إلى التعامل مع أمر واقع فرضه النظام وحلفاؤه من القوى المدعومة من إيران.وأشارت إلى أن الارتباك الروسي بدا واضحاً منذ بداية أزمة الجنوب الجديدة، لا سيما أنها تضع تصورات للمرحلة المقبلة تقوم على تعزيز مسار الإصلاح الدستوري في جنيف، عبر حمل النظام على إبداء مرونة كافية، بالتوازي مع إبراز ملف اللاجئين وتحويله إلى بند ثابت على أجندة الحوارات الإقليمية والدولية.ورأت أن التطورات الأخيرة في درعا أظهرت عجز موسكو عن فرض وجهة نظرها على حليفيها السوري والإيراني، وهو ما برز من خلال تعزيز الحشود العسكرية وإطلاق أوسع عمليات قصف لمناطق في درعا ومحيطها، في تجاهل صريح للتوجهات الروسية نحو التهدئة.ونقلت “الشرق الأوسط”، عن محلل وخبير سوري (لم تسمه)، قوله إنه على الرغم من تسريبات عدّة عكست الغضب الروسي من تحرّكات النظام في تلك المرحلة من الأزمة، فقد بدا واضحاً أن موسكو لا ترغب أو لا تقدر على “كبح جماح النظام خلافاً لما أظهرته خلال مواجهات سابقة”.ولفت المحلل إلى أن القوات الروسية لم تتدخل عسكرياً لتحسم المعركة لصالح النظام، كما كانت تفعل سابقاً، وفي الوقت ذاته لم يبدُ أنها تريد أن تستغل نفوذها كما يجب لإرغام النظام والإيرانيين على وقف حملتهم العسكرية في المنطقة.وتابع: “قد تكون روسيا مستفيدة من بقاء الوضع على حاله واستمرار حالة التوتر في جنوب سوريا، ولو لمرحلة محددة من الزمن، تأمل خلالها تحقيق مجموعة أهداف، في مقدمتها استعادة الزخم للاهتمام بالدور الروسي في سوريا، بعد تراجعه قليلاً خلال الفترة الأخيرة”.ولكن في المقابل، برز رأي آخر، مفاده أن موسكو عندما فشلت في الضغط على قوات النظام، سعت إلى قياس درجة قدرة المعارضة في الجنوب على تغيير الوضع العسكري الميداني، ولذلك وقفت متفرّجة، واكتفت بالسعي إلى لعب دور الوسيط في الحوارات، عندما كانت قوات المعارضة السورية تتقدّم بشكل واسع، حتى نجحت في استعادة السيطرة على ثلثي المساحة التي كانت تحت سيطرة النظام في محيط درعا البلد، وهنا تدخلت بقوة وعزّزت جهودها ليصل الجانبان برعاية روسية إلى اتفاق لوقف النار لم يصمد طويلاً.ونقلت الصحيفة عن خبير عسكري (لم تسمه)، أن موسكو تعمّدت ترك قوات النظام والقوات الحليفة والداعمة لها، تحت رحمة نجاحات مؤقتة لقوات المعارضة، بغرض إظهار أن دمشق لن تكون قادرة على تحقيق تقدم واسع من دون مساعدة روسية، وهذا أمر سبق أن تعرّضت له قوات النظام في معركة سابقة قرب مدينة حلب في الشمال السوري.ووفق تحليلات خبراء روس وسوريين، فإن التوازنات الدولية الدقيقة فسّرت المشهد في درعا. إذ إن إيقاف الدعم عن الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض البلدان العربية لم يكن مكسباً مجانياً بالنسبة للروس، بل كان مشروطاً بالتعهد بضبط النفوذ الإيراني. وبالتالي، فإنَّ الحسم العسكري الشامل كان سيفوِّت على روسيا فرصة تعزيز المكاسب السياسية، ولذا سعت روسيا إلى إيجاد حالة من التوازن بين المكوّن المحلي من خلال القبول بفكرة بقاء بعض المجموعات غير المنضبطة بسلاحها الخفيف، وكتلة أكبر تابعة لـ”الفيلق الخامس” بشكل مباشر، في مقابل قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

المصدر وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.