تركيا – مروان مجيد الشيخ عيسى
آلاف اللاجئين السوريين في تركيا، يتجهزون للخروج منها باتجاه أوروبا، في قافلة سير جماعية ضمن حملة نظّمت على وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقوا عليها اسم “قافلة النور”، ووفقا لقناة الحملة على تطبيق “تليغرام”، فقد تجاوز عدد المنضمين 40 ألف سوريا، حيث ستنطلق القافلة إلى أوروبا خلال الساعات القليلة القادمة.
فالسوريون الذين يستعدون للخروج بالقافلة، دعوا المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام، لدعمهم ومساعدتهم لتسهيل عبور القافلة بشل آمن وإنساني نحو أوروبا، مرجعين انطلاق هذه الحملة على خلفية تدني الظروف الاقتصادية، والمعيشية للاجئين السوريين في تركيا، والعنصرية المستمرة ضدهم، إضافة لحملات الترحيل والقرارات التي تضيق على تواجدهم في البلاد، التي يرى بعضهم أنها ازدادت بعد تبني الحزب الحاكم في تركيا “العدالة والتنمية”، عملية عسكرية وإعادة العلاقات مع النظام السوري من أجل تنفيذ منطقة “آمنة” لإعادة اللاجئين من أراضيه.
ولكن هل “قافلة النور”، هي إحدى النتائج المترتبة على قرار تركيا تطبيع العلاقات مع سوريا، أم أن أنقرة تتصرف كمستفز يتلاعب بأزمة اللاجئين السوريين من أجل الحصول على بعض النفوذ في مساوماتها مع الاتحاد الأوروبي، وأيضا فيما يتعلق بالفوز في الانتخابات القادمة.
فالتصريحات التركية الأخيرة حول تفاهم سياسي محتمل بين أنقرة، والنظام السوري أثرت على اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا، مما دفع عددا كبيرا منهم إلى التفكير في الذهاب إلى أوروبا، خصوصا وأن أحزاب المعارضة التركية لا ترحب باللاجئين السوريين، وتستثمر هذا الموضوع في الانتخابات الرئاسية المقبلة بالإضافة إلى القيود المفروضة على ممارسات اللاجئين
تعامل المسؤولين الأتراك سياسيا ومحليا مع قضية اللاجئين بسيناريو دراماتيكي، أجبر اللاجئين داخل تركيا على التفكير في سيناريوهات الحياة، خصوصا وأن أنقرة، تريد إعادة أكثر من مليوني لاجئ قبل انتخابات عام 2023، ولا يمكن استيعاب هذا العدد في شمال سوريا.
فتواجد نحو 3 ملايين و700 ألف لاجئ سوري يعيشون في تركيا، خلق تصور لدى الحاضنة الشعبية أنهم فرضوا تكلفة باهظة على اقتصاد البلاد، والتي أدت إلى المشاكل الاجتماعية الناجمة في المدن التركية، والإجراءات المناهضة لهم وبعض النزاعات التي أدت إلى القتل. حيث تعد قضية السكن، والتعليم، ومنح حق المواطنة من القضايا الخطيرة التي أثيرت في المجتمع التركي في السنوات الأخيرة.
ورغم ذلك، تقدر مراكز الدراسات التركية، أن هناك عدة أسباب لتغيير سياسة تركيا تجاه سوريا، منها اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا عام 2023، حيث إن حزب “العدالة والتنمية”، وأردوغان في السلطة منذ ما يقرب من 20 عاما، وبطبيعة الحال تقلصت شعبيتهم، لذلك هناك تخوف بينهم من عدم تمكنهم من الفوز في الانتخابات. لهذا السبب، كان التليين، وتغيير السياسة تجاه سوريا.
على المستوى المحلي، زودت إدارة أزمة اللاجئين حزب “العدالة والتنمية” بأداة استطرادية مناسبة، سمحت لإدارة أردوغان بادعاء التفوق الأخلاقي من خلال التأكيد على السمة الإنسانية لسياسة الباب المفتوح، القائمة على الكرم والأخوة. وضمن هذا المنظور، تجسد تهجير السكان السوريين كفرصة لقتل عصفورين بحجر واحد. فمن ناحية، سمحت لحزب “العدالة”، بتهميش المعارضة، والتملق لناخبيه المحافظين، وصياغة سياسته الصديقة للاجئين كالتزام أخلاقي مستمد من التقاليد الإسلامية.