الوقوف على الأطلال مفتاح الدخول إلى أغراض الشعر العربي،،

اعتاد الشعراء في العصر الجاهلي وبعض مالحقهم من شعراء صدر الإسلام أن يبدأوا قصائدهم بالوقوف على آثار بقايا منازل المحبوبة التي تسمى أطلالا
الوقوف على الأطلال في العصر الجاهلي ظاهرة الوقوف على الأطلال في ظاهرة الوقوف على الأطلال في العصر الجاهلي مثال على المقدمات الطللية ذات الأطلال في العصر الجاهلي كان العرب في العصر الجاهلي أهل بلاغة وفصاحة، وعرفوا بالحناجر القوية التي إن صدحت تدب في الأنفس الحماسة والثورة، مما ساعدهم على الإمساك بزمام التجارة والطرق في العالم القديم، وقد اعتادوا أن يجعلوا مقدّمة قصائدهم الشعرية تتحدّث عن ذكر الديار والأرض، وتحديد مكانها بذكر الأماكن التي تجاورها، ووصف تساقط الأمطار عليها، ونموّ العشب، كون المطر والعشب هما مطلب أهل البادية والصحراء، فقد كانوا يتنقلون من موضع لآخر طلباً لهما، وكان هذا التنقّل يترك في نفوسهم أثراً كبيراً وحنيناً للمكان الذي استوطنوه وخاصّة عند وجود حبيبين من قبيلتين مختلفيتن قررتا سلك سبل مختلفة للبحث عن الكلأ والماء، فيبدأ الشاعر بوصف لحظة الفراق حتى إن كان للقصيدة غرض يختلف كالفخر أوالمدح أو الهجاء
ومن أشهر الشعراء الذين وقفوا على الأطلال هم شعراء المعلقات.
يقول طرفة بن العبد مشبها ركوب المحبوبة للناقة وكأنها تسير كسير السفينة :
لِخَوْلَةَ أطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ تلُوحُ    

كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُمْ.      

يَقُوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلَّدِ
كَأنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوَةً.         خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنَ يَامِنٍ.   

يَجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي

أما عنترة فهو يقف على طلل المحبوبة وقد ضاع الرسم ولم يفهم منها شيء :
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَـرَدَّمِأَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
أَعْيَاكَ رَسْمُ الدَّارِ لَمْ يَتَكَلَّـمِحَتَّى تَكَلَّمَ كَالأَصَـمِّ الأَعْجَـمِ

أما امرؤ القيس فهو يصف بقايا أطلال المحبوبة ويحدد زمان رحيلها. يقول :
قفانبك من ذِكرى حبيب ومنزل              بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ

فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ.         لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ

ترى بَعَرَ الآرْآمِ في عَرَصاتِها.
  وقيعانها كأنه حبَّ فلفل

أما زهير بن أبي سلمى فيرى الأطلال كبقايا الوشم على اليد

أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمَ.  

بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها.   

مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ.
وظل هذا اسلوب الشعراء حتى في صدر الإسلام فإذا نظرنا لقصيدة البردة لكعب بن زهير رغم أن غرضها الأساسي هو مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. لكنه بدأها بما بدأ سابقوه من طريقة يقول في مطلع قصيدة البردة :
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُمُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلواإِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ      

مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ

فمما سبق نرى أن الشعراء ساروا على نهج سابقيهم من الوقوف على الأطلال وذكر المحبوبة رغم اختلاف أغرض قصائدهم

إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.