اللجنة الدستورية السورية فمن يحيي العظام وهي رميم

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

منذ عام تقريبا توقفت جولات اللجنة الدستورية السورية في جنيف ، لعدة أسباب أبرزها تتعلق بعرقلة روسيا انعقاد الجولة التاسعة لاجتماعات اللجنة، وبينما لم يطرأ أي جديد على عملها منذ تموز الماضي، ويجري الحديث الآن عن تغيير مكان انعقاد الاجتماعات إلى مُدن أو عواصم عربية.

فالمطالبات بإعادة اللجنة الدستورية إلى واجهة العملية السياسية في سوريا، جاءت عن طريق المبعوث الدولي إلى سوريا جير بيدرسن، إلا أن هنالك عوائق عديدة إزاء هذه العودة، خاصة وأن النظام السوري رفض مؤخرا مطالب مماثلة، عندما تم الحديث عن نقل مكان انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية إلى القاهرة أو مسقط، لكن النظام رفض مؤخرا الطرح المتعلق بالقاهرة، بسبب موقف الحكومة المصرية المتعلق بشرط تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتحديدا القرار 2254.

فالمبعوث الأممي لم يقدم أي جديد في إحاطته لمجلس الأمن، فإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، سوف تعني بشكل أو بآخر العودة إلى الوراء، فاللجنة لم تحقّق أيّة نتائج ملموسة على الرغم من عقد ثمانية جولات من الإجماعات والمحادثات، التي لم تساهم بشيء يُذكر في سبيل دفع العملية السياسية بسوريا.

هذا كله اعترف به بيدرسن في مناسبات عدة، لكنه يعتبر الآن أن هناك فرصة متجددة باعتبار أن اللجنة الدستورية هي الطريق الوحيد المتوفر للوصول إلى حلّ سياسي في سوريا، وقد أعرب بيدرسن عن خيبة أمله من الفيتو الروسي في مجلس الأمن ضد قرار تجديد التفويض لإدخال المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مؤكداً أن ظروف عودة اللاجئين السوريين غير متوفّرة.

فدفع العملية السياسية في سوريا يحتاج إلى توافق روسيا أميركي، لكن هذا الأمر غير متوفر حاليا بسبب انقطاع التنسيق بين الجانبين منذ أشهر طويلة، فعودة اللجنة الدستورية لاستئناف اجتماعاتها بالشكل الموجود حاليا لن يقدّم أي جديد لمسار الحل السياسي في سوريا.

وقد انقطعت منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، كل الاتصالات بين موسكو وواشنطن. حتى الخطوط الساخنة تم ايقافها، وهناك تحرّشات عسكرية تجري في السماء السورية بينهما، لذلك لا أمل بحدوث أي تنسيق أو اتصال بينهما، وقد لحظ ذلك حتى بمقاربة إنسانية تمت منذ أيام ولم تنج، فقد استعمل الروس حق الفيتو لعرقلة تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية إلى سوريا.

فالأمم المتحدة تسعى إلى إبقاء المسار الأممي للحل السوري حيّا عبر اجتماعات دورية في نيويورك، وذلك لقطع الطريق على المسارات الأخرى التي تحاول الالتفاف على القرارات الأممية، وأبرزها المسار الرباعي بين موسكو وطهران ودمشق وأنقرة، التي تحاول غض الطرف عن القرار 2254.

فحديث بيدرسن عن عدم وجود بيئة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، هو بمثابة رسالة غربية واضحة لدمشق، بأنه لن يكون هناك رفعٌ للعقوبات أو عمليات إعادة إعمار، بدون قبول النظام السوري  بالحل السياسي وفق القرار الأممي 2254، لكن اللجنة الدستورية بهذا الشكل لن تقدّم أي جديد بعودتها.

وليس من المتوقع أن يسهّل الروس عقد أي اجتماع لتلك اللجنة فمنذ سنة يضعون العراقيل بوجه انعقادها كتغيير مكانها من جنيف التي لم تعد محايدة كما تدّعي موسكو، ورغبتهم بنقل الاجتماعات إلى دمشق أو أي عاصمة إقليمية أرجحها مسقط، لكن الأمم المتحدة لن توافق على ذلك وستصرّ على مكان جنيف لما له من رمزية.

تقارير عربية تؤكد أن الاتفاق على نقل مقر اجتماعات اللجنة أصبح وشيكا، فقد جرت مداولات واسعة بهذا الشأن في كازاخستان قبيل انطلاق الجولة 20 من مسار أستانا، شاركت بها الدول الضامنة والنظام السوري  والمعارضة السورية، حيث تم طرح أسماء العديد من العواصم لاستكمال جولات اللجنة، إلا أنه كان هنالك رفض من النظام للعاصمة المصرية.

فنقل اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” إلى مدن عربية، قد يساعد في تمهّيد الطريق أمام دور عربي محتمل في الحل السياسي للملف السوري، لكن ماذا يمكن للدول العربية أن تقدم للملف السوري خلال المرحلة القادمة، تزامنا مع التقارب العربي مع النظام السوري .

فخلال الاجتماعات التي جرت على مدار السنوات الماضية للجنة، عملت روسيا على إفراغ حصيلة الجولات من أي نتائج مثمرة، فعرقلت جميع المحاولات الرامية لصياغة دستور جديد، أو التوصل إلى آلية حلّ من شأنه تنفيذ بنود قرار الأمم المتحدة 2254 المتعلق بالانتقال السياسي للسلطة.

ورغم كل ذلك فالعمل على إحياء اللجنة الدستورية السورية كالعمل على أن يبعث من في القبور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.