اللاجئون السوريون في لبنان ومشكلة تسليمهم للنظام السوري

لبنان – مروان مجيد الشيخ عيسى 

يبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان 1.5 مليون تقريباً، نحو 900 ألف منهم مسجّلون لدى مفوضية اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعاً معيشية صعبة، خاصةً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية اللبنانية منذ عدة سنوات.

وتتواصل حملة الترحيل القسري التي بدأتها السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين في وقت سابق من شهر نيسان الجاري، ورحّلت خلالها العشرات إلى سوريا، رغم التحذيرات الحقوقية من تسليم مطلوبين إلى ميليشيا النظام السوري .

وتشهد مختلف المناطق في لبنان حملات دهم واعتقالات تطال لاجئين سوريين تمهيداً لترحيلهم، كان آخرها في منطقة قب إلياس في البقاع (وسط)، وفي مرجعيون بالنبطية (جنوب)، إضافة إلى اعتقال سوريين على حواجز الجيش اللبناني بين مدينة طرابلس ووادي خالد (شمال).

وأوضحت مصادر خاصة من داخل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ، أن هناك مفاوضات بين المفوضية والسلطات اللبنانية لوقف عمليات الترحيل القسري للاجئين السوريين إلى بلدهم.

ووفق ما ذكرت المصادر ، فإن الحكومة اللبنانية طالبت المفوضية بدفع 100 دولار أمريكي لكل جندي في الجيش اللبناني، إضافة إلى زيادة الدعم المقدّم للبنانيين بشكل عام، مقابل وقف الحملة ضد اللاجئين السوريين.

ورفضت المفوّضية المطالب اللبنانية، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن المفوضية هدّدت بقطع المساعدات عن اللبنانيين واللاجئين السوريين معاً.

ولفتت المصادر إلى أن هناك اجتماعاً آخر ضمن الأسبوع المقبل لمناقشة هذا الموضوع بين مسؤولين غربيين في المفوضية والحكومة اللبنانية. 

ويستفيد لبنان من المساعدات المالية المقدّمة للاجئين السوريين، إذ تخصص المفوضية نحو 40 دولاراً لكل لاجئ مسجّل لديها، إلا أن السلطات اللبنانية تسلّم المساعدات بالليرة اللبنانية وبسعر أقل بكثير عن سعر الصرف في السوق السوداء.

وقال أحد اللاجئين السوريين المستفيدين من المساعدات المالية المقدّمة من المفوضية إنه يحصل على المساعدة التي تقّدر قيمتها بنحو 4 ملايين ليرة، بقيمة مليونين ونصف مليون ليرة فقط.

وبناء على ما ذكر اللاجئ ، فإنه رغم أن الـ100 ألف ليرة لبنانية تساوي دولاراً واحداً، إلا أنها تسلّم للاجئ السوري بقيمة 1.3 دولار ضمن مساعدات المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي، مؤكداً أنه يحصل عليها بالليرة اللبنانية بعكس ما يروّج المسؤولون اللبنانيون أن السوريين يحصلون على المساعدات بالدولار.

وتتوالى التحذيرات من استمرار الحملة العنصرية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، إذ أعلنت هيئة علماء المسلمين في لبنان في بيان، أن ترحيل أو تسليم اللاجئين السوريين المعارضين للنظام السوري المجرم، يُعد كبيرة من كبائر الذنوب وجريمة أخلاقية وقانونية ترقى إلى درجة القتل العمد والجرائم ضد الإنسانية.

ورفض البيان خطاب العنصرية الموجّه ضد اللاجئين السوريين، مؤكداً أن العودة يجب أن تكون طوعية بضمانات دولية.

وأشارت الهيئة إلى أن أعظم الضمانات لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم هي رحيل بشار الأسد وزبانيته وفُلوله، وخروج الميليشيات الطائفية والجيوش الأجنبية، وخاصة عناصر الميليشيات اللبنانية على الأراضي السورية.

وشدّد البيان على أن “الطاغية الذي قتل ونكّل وشرّد ودمّر ينبغي أن لا يُفلت من العقاب، وبالتأكيد ينبغي أن لا يُكافأ بتطبيع العلاقات معه”.

وقالت منظمة اللاجئين الدولية في بيان: “يواجه اللاجئون السوريون في لبنان حملة قمع وحشية من قبل السلطات اللبنانية مع تقارير من جهات اتصال محلية تابعة للمنظمة تفيد بترحيلهم قسراً إلى سوريا.

وهذه الإعادة القسرية المتصاعدة للسوريين تضع الفئات الضعيفة من السكان في أوضاع مباشرة تهدد حياتهم. بالنسبة للكثيرين، تعني العودة المبكرة الاعتقال التعسفي أو التعذيب أو الإساءة أو الاختفاء أو الموت”.

ودعت المنظمة الحكومة اللبنانية وقوات الأمن التي تشارك بعمليات الاحتجاز التعسفي للسوريين إلى الامتناع عن ترحيلهم، والعمل مع الأمم المتحدة لتصحيح أوضاع اللاجئين بدلاً من ترحيلهم.

كما دعت الولايات المتحدة والحكومات الشريكة للضغط على القوات المسلحة اللبنانية، التي تتلقى المساعدة الأمنية الأمريكية آخرها 72 مليون دولار في كانون الثاني للامتناع عن الاعتقال القسري والاحتجاز وترحيل اللاجئين السوريين.

ورغم كل ذلك لاتزال الحكومة اللبنانية تصر على ترحيل السوريين وتسليم المطلوبين للنظام السوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.