الكعكة السورية ولعبة المصالح، أين الشعب السوري منها

يبدو أن الحرب الباردة باتت من أكثر الحروب المنتشرة في الوقت الراهن، وشراهة الدول العظمى لتحقيق مكاسب جيوسياسة واستراتيجية على الصعيدين العالمي والإقليمي لم تعد مقتصرة على روسيا وامريكا القطبين البارزين في فلك الصراعات والنزاعات، فالصين أصبحت نجما لامعا في القضايا الدولية مع محدودية تأثيرها المباشر في فرض رؤية معينة، وأيضاً بروز تركيا كلاعب جديد في قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال تدخلها المباشر عسكرياً وسياسياً في شؤون تلك الدول للحفاظ على مصالحها المشروعة منها وغير المشروعة استطاعت من خلالها جذب الأنظار إلى وجودها لتكون ركنا أساسياً في القضية السورية من خلال وجودها العسكري في شمال غرب سوريا، واحتلال عدد ٱخر من مناطق شمال وشرق سوريا مع أو بدون الشرعنة الأمريكية والروسية، ومن خلال اتباع أسلوب سياسي مطاطي مع القطبين الأمريكي والروسي يتناقص تماماً مع كونها عضو بارز في حلف الناتو وعقدها لصفقات شراء أسلحة من روسيا، وضع أمريكا في خانة الحيرة أمام فقدان تركيا الحليف القوي لصالح روسيا أو التماشي معها وتسهيل عقود شراء الأسلحة الروسية خياران أحلامها مر، بالنسبة لأمريكا، وينطبق الكلام على روسيا نفسها في كسب ثاني قوة عسكرية ضمن الحلف المعادي لها، أو السماح لها بالتحرك بحرية على طول الخط الحدودي وضمان حسن التعامل الإقتصادي معها ومحاولة شدها لصفها على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، فروسيا وامريكا ليستا قادرتين على فرض قراراتهما ورؤيتهما على تركيا كما يروج البعض، وهذا يتوافق تماماً مع تفويض مجلس الشعب التركي على تمديد الوجود العسكري في كل من سوريا والعراق وهذا ماأكده حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بأن تمديد مهمة القوات التركية في سوريا لعامين ليست مسألة سياسة داخلية، بل رسالة إلى الدول الفاعلة بالملف السوري، لذلك إن تحديد مدة القرار بعامين يشير إلى عزم تركيا على إدراجها في المعادلة الخاصة بالمسألة السورية ويتم من خلال هذه القرارات بالفعل توجيه رسالة للمجتمع الدولي والمحاورين في المنطقة، التي تضم حالياً أطرافاً فاعلة تتنازع معها في صراع متبادل ومصالح مشتركة، لعدم الإيحاء بضعف سياسة تركيا تجاه سوريا في هذه المرحلة الحرجة، خصوصاً مع زحف قوات النظام إلى منطقة تل رفعت، مما دفع تركيا إلى تعزيز نقاطها في إدلب وتحشيد ٱلاف القوات في مناطق أخرى كجهوزية لأي هجوم على مناطق شمال شرق سوريا وتل رفعت، إذا الوضع المعقد الذي تشهده سوريا من خلال الاتفاقات الروسية الإسرائيلية ومحاولة التطبيع العربي مع النظام وامتعاض إدارة بايدن من التصرفات التركية، يحتم على الأخيرة إلى وجود نقاط ارتكاز قوية تثبت عبرها بأن اللعبة تغيرت، وتنبه إلى وجودها في الشأن السوري. وكل هذه النزاعات على الأرض السورية تثبت غياب السيادة السورية على أراضيها وعدم وجود النظام ضمن أي عملية سياسية أو عسكرية لأنه من الواضح جداً بأن النظام السوري أصبح مرؤوسا وعليه التنفيذ فقط، لتتعاظم ويلات القتل والدمار والتهجير من جديد على الشعب السوري الذي أصبح خارج لعبة المتنافسين على المصالح في عقر داره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.